قوله تعالى : كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط .
أجمع المفسرون هنا على أن الخيانة ليست زوجية .
وقال : نساء الأنبياء معصومات ، ولكنها خيانة دينية بعدم إسلامهن وإخبار أقوامهن بمن يؤمن مع أزواجهن . اهـ . ابن عباس
وقد يستأنس لقول هذا بتحريم ابن عباس - بعده ، والتعليل له بأن ذلك يؤذيه ، كما في قوله تعالى : التزوج من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما [ 33 \ 53 ] .
فإذا كان تساؤلهن بدون حجاب يؤذيه ، والزواج بهن من بعده عند الله عظيم ، فكيف إذا كان غير التساؤل وبغير الزواج ؟ إن مكانة الأنبياء عند الله أعظم من ذلك .
وقوله تعالى : فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، فيه بيان أن العلاقة الزوجية لا تنفع شيئا مع الكفر ، وقد بين تعالى ما هو أهم من ذلك في عموم القرابات كقوله تعالى : يوم لا ينفع مال ولا بنون [ 26 \ 88 ] .
وقوله : يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه الآية [ 80 \ 34 - 35 ] .
وجعل الله هاتين المرأتين مثلا للذين كفروا ، وهو شامل لجميع الأقارب كما قدمنا .
وقد سمعت من الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في معرض محاضرة له الاستطراد في ذلك ، وذكر قصة هاتين المرأتين ، وقصة إبراهيم مع أبيه ونوح مع ولده ، فاستكمل جهات القرابات زوجة مع زوجها ، وولد مع والده ، ووالد مع ولده . وذكر حديث . " فاطمة اعملي ; فإني لا أغني عنك من الله شيئا " . يا
ثم قال : ليعلم المسلم أن أحدا لا يملك نفع أحد يوم القيامة ، ولو كان أقرب قريب [ ص: 225 ] إلا بواسطة الإيمان بالله ، وبما يكرم الله به من شاء بالشفاعة ، كما في قوله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم الآية [ 52 \ 21 ] .