وفي قوله تعالى للكافرين ليس له دافع   من الله ذي المعارج  دليل على تأكيد وقوعه ; لأن ما ليس له دافع لا بد من وقوعه . أما متى يكون فقد دلت آية ( الطور ) نظيرة هذه أن ذلك سيكون يوم القيامة في قوله تعالى : إن عذاب ربك لواقع  ما له من دافع    [ 52 \ 7 - 8 ] ، ثم بين ظرف وقوعه : يوم تمور السماء مورا  وتسير الجبال سيرا    [ 52 \ 9 - 10 ] ، وفي سياق هذه السورة في قوله تعالى : يوم تكون   [ ص: 266 ] السماء كالمهل  وتكون الجبال كالعهن  ولا يسأل حميم حميما  يبصرونهم  إلى قوله تعالى : تدعوا من أدبر وتولى  وجمع فأوعى    [ 70 \ 8 - 18 ] ; فإنها كلها من أحوال يوم القيامة  ، فدل بذلك على زمن وقوعه . ولعل في قوله تعالى : تدعوا من أدبر وتولى  وجمع فأوعى  ردا على أولئك المستخفين بالعذاب المستعجلين به ; مجازاة لهم بالمثل ، كما دعوا وطلبوا لأنفسهم العذاب استخفافا ; فهي تدعوهم إليها زجرا وتخويفا ، مقابلة دعاء بدعاء ، أي : إن كنتم في الدنيا دعوتم بالعذاب فهذا هو العذاب يدعوكم إليه تدعوا من أدبر  عن سماع الدعوة ، وأعرض عنها وتولى ، وهذا الرد بهذه الصفات التي قبله من تغيير السماء كالمهل ، وتسيير الجبال كالعهن ، وتقطع أواصر القرابة من الفزع والهول مما يخلع القلوب ، كما وقع بالفعل في الدنيا ، كما ذكر القرطبي  قصة  جبير بن مطعم    . 
قال : قدمت المدينة  لأسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أسارى بدر  ، فسمعته يقرأ : والطور  وكتاب مسطور  إلى قوله تعالى : إن عذاب ربك لواقع  ما له من دافع    [ 52 \ 1 - 8 ] ، فكأنما صدع قلبي فأسلمت ; خوفا من نزول العذاب ، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع العذاب . 
وذكر القرطبي  أيضا عن  هشام بن حسان  ، قال : انطلقت أنا  ومالك بن دينار  إلى الحسن  ، وعنده رجل يقرأ : ( والطور ) حتى بلغ : إن عذاب ربك لواقع  ، فبكى الحسن  وبكى أصحابه ، فجعل مالك  يضطرب حتى غشي عليه   . 
وذكر ابن كثير  عن عمر    - رضي الله عنه - : أنه كان يعس بالمدينة  ذات ليلة ، إذ سمع رجلا يقرأ بالطور; فربا لها أعيد منها عشرين ليلة ، فكان هذا الوصف المفزع ردا على ذاك الطلب المستخف . والله تعالى أعلم . ونأمل أن نكون قد وفينا الإيضاح الذي أراده - رحمه الله تعالى - . 
				
						
						
