تنبيه . 
للشهادة علاقة باليمين في الحكم ، وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " شاهدان أو يمينه   " . 
فما هي تلك العلاقة ؟ وبين هذه العلاقة قوله تعالى : قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم    [ 6 \ 19 ] ، وقوله : أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد    [ 41 \ 53 ] ، وقوله : وكنا لحكمهم شاهدين    [ 21 \ 78 ] ، وقوله : هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم    [ 46 \ 8 ] . ونحو ذلك من الآيات ; لأنه تعالى : شاهد ومطلع على أحوال العباد لا تخفى عليه خافية ، يعلم   [ ص: 303 ] خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فإذا أعوز المدعي شاهدا حلف مع الشاهد  كأنه قال : أستشهد بالله الذي يعلم مني صدق دعواي . 
وكذلك المدعى عليه ، إذا عجز المدعي عن البينة وكانت الدعوى متوجهة ، ومما يشبه ، كما يقول المالكية : فإن المدعى عليه يقول : لدي البينة والشهادة على عدم ثبوت ما ادعى به علي ، ألا وهو خير الشاهدين . 
من هو أكبر شهادة مما عجز عنها المدعي ألا وهو الاستشهاد بالله تعالى ، فيحلف على براءة ذمته مما ادعى به عليه . 
تنبيه . 
ومن هنا يعلم حقيقة قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من حلف بغير الله  فقد أشرك   " أي ; لأن الحالف يقيم المحلوف به مقام الشهود الذين رأوا أو سمعوا ، والمخلوق إذا كان غائبا لا يرى ولا يسمع ، فإذا حلف به كان قد أعطاه صفات من يرى ويسمع ، والحال أنه بخلاف ذلك ، ومن ناحية أخرى الحالف والمستحلف بالله يعلمان أن الله تعالى قادر على أن ينتقم من صاحب اليمين الغموس ، وغير الله إذا ما حلف به لا يقوى ولا يقدر على شيء من ذلك . والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
