مسائل تتعلق بالمسح على الخفين 
الأولى : أجمع العلماء على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر    ; وقال الشيعة  والخوارج    : لا يجوز ، وحكى نحوه  القاضي أبو الطيب  عن أبي بكر بن داود  ، والتحقيق عن مالك  ، وجل أصحابه ، القول بجواز المسح على الخف في الحضر والسفر . 
وقد روي عنه المنع مطلقا ، وروي عنه جوازه في السفر دون الحضر . 
قال  ابن عبد البر    : لا أعلم أحدا أنكره إلا مالكا  في رواية أنكرها أكثر أصحابه ، والروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته ، وموطأه ، يشهد للمسح في الحضر والسفر ، وعليه جميع أصحابه ، وجميع أهل السنة . 
وقال الباجي    : رواية الإنكار في " العتبية " وظاهرها المنع ، وإنما معناها أن الغسل أفضل من المسح ، قال ابن وهب    : آخر ما فارقت مالكا  على المسح في الحضر والسفر ; وهذا هو الحق الذي لا شك فيه ، فما قاله  ابن الحاجب  عن مالك  من جوازه في السفر دون الحضر غير صحيح ، لأن المسح على الخف متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال الزرقاني  في شرح " الموطأ " : وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين ، منهم العشرة ، وروى  ابن أبي شيبة  وغيره عن  الحسن البصري  ، حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين ، اهـ . 
وقال النووي  في شرح " المهذب " : وقد نقل ابن المنذر  في كتاب " الإجماع " ، إجماع العلماء على جواز المسح على الخف ، ويدل عليه الأحاديث الصحيحة المستفيضة في مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحضر والسفر ، وأمره بذلك وترخيصه فيه ، واتفاق الصحابة ، فمن بعدهم عليه . قال  الحافظ أبو بكر البيهقي    : روينا جواز المسح على الخفين عن عمر  ، وعلي  ،  وسعد بن أبي وقاص  ،  وعبد الله بن مسعود  ،  وعبد الله بن عباس  ،  وحذيفة بن اليمان  ،  وأبي أيوب الأنصاري  ،  وأبي موسى الأشعري  ،  وعمار بن ياسر  ،  وجابر بن عبد الله  ،  وعمرو بن العاص  ،  وأنس بن مالك  ،  وسهل بن سعد  ،  وأبي مسعود الأنصاري  ،  والمغيرة بن شعبة  ،  والبراء بن عازب  ،  وأبي سعيد الخدري  ،   [ ص: 339 ]  وجابر بن سمرة  ،  وأبي أمامة الباهلي  ،  وعبد الله بن الحارث بن جزء  ،  وأبي زيد الأنصاري  رضي الله عنهم . 
قلت : ورواه خلائق من الصحابة ، غير هؤلاء الذين ذكرهم البيهقي  ، وأحاديثهم معروفة في كتب السنن وغيرها . 
قال الترمذي    : وفي الباب عن عمر  ، وسلمان  ، وبريدة  ،  وعمرو بن أمية  ، ويعلى بن مرة  ،  وعبادة بن الصامت  ، وأسامة بن شريك  ،  وأسامة بن زيد  ، وصفوان بن عسال  ،  وأبي هريرة  ،  وعوف بن مالك  ،  وابن عمر  ، وأبي بكرة  ، وبلال  ،  وخزيمة بن ثابت    . 
قال ابن المنذر    : وروينا عن  الحسن البصري  ، قال : حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على الخفين   . 
قال : وروينا عن  ابن المبارك  ، قال : ليس في المسح على الخفين اختلاف   . اهـ . 
وقد ثبت في الصحيح من حديث  المغيرة بن شعبة  أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخف في غزوة تبوك  ، وهي آخر مغازيه - صلى الله عليه وسلم - ، وثبت في الصحيح من حديث  جرير بن عبد الله البجلي  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخف ، ولا شك أن ذلك بعد نزول آية المائدة كما تقدم ، وفي سنن أبي داود  أنهم لما قالوا لجرير    : إنما كان ذلك قبل نزول المائدة ، قال : ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة . 
وهذه النصوص الصحيحة التي ذكرنا تدل على عدم نسخ المسح على الخفين ، وأنه لا شك في مشروعيته ، فالخلاف فيه لا وجه له البتة . 
				
						
						
