المسألة الثالثة : إذا كان الخف مخرقا ، ففي جواز المسح عليه خلاف بين العلماء ، فذهب مالك وأصحابه إلى أنه إن ظهر من تخريقه قدر ثلث القدم لم يجز المسح عليه ، وإن كان أقل من ذلك جاز المسح عليه ، واحتجوا بأن الشرع دل على أن الثلث آخر حد اليسير ، وأول حد الكثير .
وقال بعض أهل العلم : لا يجوز يبدو منه شيء من القدم ، وبه قال المسح على خف فيه خرق ، أحمد بن حنبل في الجديد ، والشافعي . ومعمر بن راشد
[ ص: 341 ] واحتج أهل هذا القول بأن المنكشف من الرجل حكمه الغسل ، والمستور حكمه المسح ، والجمع بين المسح والغسل لا يجوز ، فكما أنه لا يجوز له أن يغسل إحدى رجليه ويمسح على الخف في الأخرى ، لا يجوز له غسل بعض القدم مع مسح الخف في الباقي منها .
وذهب وأصحابه إلى أن الخرق الكبير يمنع المسح على الخف دون الصغير . وحددوا الخرق الكبير بمقدار ثلاثة أصابع . الإمام أبو حنيفة
قيل : من أصابع الرجل الأصاغر ، وقيل : من أصابع اليد .
وقال بعض أهل العلم : يجوز المسح على جميع الخفاف ، وإن تخرقت تخرقا كثيرا ما دامت يمكن تتابع المشي فيها ; ونقله ابن المنذر عن ، سفيان الثوري وإسحاق ، ، ويزيد بن هارون . وأبي ثور
وروى البيهقي في السنن الكبرى عن ، أنه قال : امسح عليهما ما تعلقا بالقدم ، وإن تخرقا ، قال : وكانت كذلك خفاف سفيان الثوري المهاجرين والأنصار مخرقة مشققة ، اهـ .
وقال البيهقي : قول في ذلك أحب إلينا ، وهذا القول الذي ذكرنا عن معمر بن راشد ، ومن وافقه هو اختيار الشيخ الثوري تقي الدين ابن تيمية .
وقال ابن المنذر : وبقول أقول ، لظاهر إباحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسح على الخفين قولا عاما يدخل فيه جميع الخفاف . اهـ ، نقله عنه الثوري النووي وغيره ، وهو قوي .
وعن إن ظهرت طائفة من رجله مسح على خفيه ، وعلى ما ظهر من رجله . هذا حاصل كلام العلماء في هذه المسألة . الأوزاعي
وأقرب الأقوال عندي ، المسح على الخف المخرق ما لم يتفاحش خرقه حتى يمنع تتابع المشي فيه لإطلاق النصوص ، مع أن الغالب على خفاف المسافرين ، والغزاة عدم السلامة من التخريق ، والله تعالى أعلم .