قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29054_29279إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=30وإذا مروا بهم يتغامزون
وصفهم بالإجرام هنا يشعر بأنه السبب في ضحكهم من المؤمنين وتغامزهم بهم ،
[ ص: 464 ] وتقدم في سورة " البقرة " بيان موجب آخر في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=212زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا [ 2 \ 212 ] .
وقد بين تعالى في سورة " البقرة " أن الذين اتقوا فوق هؤلاء يوم القيامة ، والله يرزق من يشاء بغير حساب .
وتكلم الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - هناك ، وأحال على هذه الآية في البيان لنوع السخرية ، وزاد البيان في سورة " الأحقاف " على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=11وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه [ 46 \ 11 ] .
ومن الدافع لهم على هذا القول ونتيجة قولهم ، وساق آية " المطففين " عندها ، وكذلك عند أول سورة " الواقعة " على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خافضة رافعة [ 56 \ 3 ] .
ومما تجدر الإشارة إليه ، أن هذه الحالة ليست خاصة بهذه الأمة ، بل تقدم التنبيه على أنها في غيرها ممن تقدم من الأمم .
ففي قوم
نوح :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=38ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه [ 11 \ 38 ] .
وكان نفس الجواب عليهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=38قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=39فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم [ 11 \ 38 - 39 ] .
وجاء بما يفيد أكثر من ذلك حتى بالرسل في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون [ 6 \ 10 ] .
ومثلها في سورة " الأنبياء " بنص الآية المذكورة .
تنبيه .
إذا كان هذا حال بعض الذين أجرموا مع بعض ضعفة المؤمنين ، وكذلك حال بعض الأمم مع رسلها ، فإن الداعية إلى الله تعالى يجب عليه ألا يتأثر بسخرية أحد منه ، ويعلم أنه على سنن غيره من الدعاة إلى الله تعالى ، وأن الله تعالى سينتصر له إما عاجلا وإما آجلا ، كما في نهاية كل سياق من هذه الآيات .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29054_29279إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=30وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
وَصْفُهُمْ بِالْإِجْرَامِ هُنَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَغَامُزِهِمْ بِهِمْ ،
[ ص: 464 ] وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " بَيَانُ مُوجَبٍ آخَرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=212زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [ 2 \ 212 ] .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " أَنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَ هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ .
وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - هُنَاكَ ، وَأَحَالَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْبَيَانِ لِنَوْعِ السُّخْرِيَةِ ، وَزَادَ الْبَيَانَ فِي سُورَةِ " الْأَحْقَافِ " عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=11وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ [ 46 \ 11 ] .
وَمِنَ الدَّافِعِ لَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَنَتِيجَةُ قَوْلِهِمْ ، وَسَاقَ آيَةَ " الْمُطَفِّفِينَ " عِنْدَهَا ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَوَّلِ سُورَةِ " الْوَاقِعَةِ " عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=3خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ [ 56 \ 3 ] .
وَمِمَّا تَجْدُرُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ ، أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، بَلْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهَا فِي غَيْرِهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ .
فَفِي قَوْمِ
نُوحٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=38وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ [ 11 \ 38 ] .
وَكَانَ نَفْسُ الْجَوَابِ عَلَيْهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=38قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=39فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ [ 11 \ 38 - 39 ] .
وَجَاءَ بِمَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى بِالرُّسُلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=10وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [ 6 \ 10 ] .
وَمِثْلُهَا فِي سُورَةِ " الْأَنْبِيَاءِ " بِنَصِّ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ .
تَنْبِيهٌ .
إِذَا كَانَ هَذَا حَالُ بَعْضِ الَّذِينَ أَجْرَمُوا مَعَ بَعْضِ ضَعَفَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَذَلِكَ حَالُ بَعْضِ الْأُمَمِ مَعَ رُسُلِهَا ، فَإِنَّ الدَّاعِيَةَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ عَلَيْهِ أَلَّا يَتَأَثَّرَ بِسُخْرِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُ ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ عَلَى سُنَنِ غَيْرِهِ مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَنْتَصِرُ لَهُ إِمَّا عَاجِلًا وَإِمَّا آجِلًا ، كَمَا فِي نِهَايَةِ كُلِّ سِيَاقٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ .