قوله تعالى : وإذا الأرض مدت   
أي : سويت وأزيلت جبالها ، وسويت وهادها ، كما قال تعالى :   [ ص: 467 ] ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا  فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا    [ 20 \ 105 - 107 ] . 
ومن هذا الحديث عن  ابن عباس  وعن علي    . وساق هذا الثاني ابن كثير  عن  ابن جرير  بسنده إلى علي بن الحسين  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم ، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه ، فأكون أول من يدعى   " . الحديث . 
وعن  ابن عباس    : تمد كما يمد الأديم العكاظي . وعند القرطبي  عن  ابن عباس    : " يزاد فيها كذا وكذا " . 
وقال الرازي    : هو بمعنى تبدل الأرض غير الأرض ، والواقع أن استبدال الأرض غير الأرض ليس على معنى الذهاب بهذه الموجودة والإتيان بأرض جديدة ، لما جاء في حديث الأذان : " ما من حجر ولا مدر ولا شجر ، يسمع صوت المؤذن إلا سيشهد له يوم القيامة   " . والذي يؤتى له من جديد لا يتأتى له أن يشهد على شيء لم يشهده ، وعلى كل فإن تسيير الجبال وتسوية الأرض لا شك أنه يوجد زيادة في وجه الأرض ومساحتها ، فسواء مدت بكذا وكذا - كما قال  ابن عباس    - أو مدت بتوسعة أديمها وزيد في بسطها ، بعد أن تلقي ما في جوفها كالشيء السميك إذا ما ضغط ، فخفت سماكته وزادت مساحته ، كما يشير إليه قوله تعالى : كلا إذا دكت الأرض دكا دكا    [ 89 \ 21 ] . 
وقوله : فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة  وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة  فيومئذ وقعت الواقعة  وانشقت السماء فهي يومئذ واهية    [ 69 \ 13 - 16 ] . 
فيكون مد الأرض بسبب دكها ، فيزاد في بسطها ، ولعل هذا الوجه هو ما يشهد له القرآن لجمع الأمرين هنا ، " وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة  فيومئذ وقعت الواقعة  وانشقت السماء    " ، فهو وفق ما في هذه السورة : إذا السماء انشقت  ، وبعدها : وإذا الأرض مدت  
والله أعلم . 
				
						
						
