قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29057إنهم يكيدون كيدا nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=16وأكيد كيدا نسبة هذا الفعل له تعالى ، قالوا إنه : من باب المقابلة كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله [ 3 \ 54 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14إنما نحن مستهزئون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم [ 2 \ 14 - 15 ] ، وهو في اللغة كقول القائل : لما سئل عن أي الطعام يريد ، وهو عار يريد كسوة :
قالوا اختر طعاما نجد لك طبخة قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
وقد اتفق السلف ، أنه لا ينسب إلى الله تعالى على سبيل الإطلاق ، ولا يجوز أن يشتق له منه اسم ، وإنما يطلق في مقابل فعل العباد ; لأنه في غير المقابلة لا يليق بالله تعالى ، وفي معرض المقابلة فهو في غاية العلم والحكمة والقدرة ، والكيد أصله المعاجلة للشيء بقوة .
وقال
ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : والعرب قد تطلق الكيد على المكر ، والعرب قد يسمون المكر كيدا ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=42أم يريدون كيدا [ 52 \ 42 ] ، وعليه فالكيد هنا لم يبين ، فإذا كان بمعنى المكر ، فقد تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه -
[ ص: 497 ] بيان شيء منه عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين [ 3 \ 54 ] ; بأن مكرهم محاولتهم قتل
عيسى ، ومكر الله إلقاء الشبه ، أي : شبه
عيسى على غير
عيسى .
وتقدم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون [ 16 \ 26 ] ، وهذا في قصة النمرود ، فكان مكرهم بنيان الصرح ليصعد إلى السماء ، فكان مكر الله بهم أن تركهم حتى تصاعدوا بالبناء ، فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فهدمه عليهم .
وهكذا الكيد هنا ، إنهم يكيدون للإسلام والمسلمين ، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، والله يكيد لهم بالاستدراج حتى يأتي موعد إهلاكهم ، وقد وقع تحقيقه في
بدر ; إذ خرجوا محادة لله ولرسوله ، وفي خيلائهم ومفاخرتهم ، وكيد الله لهم : أن قلل المؤمنين في أعينهم ، حتى طمعوا في القتال ، وأمطر أرض المعركة ، وهم في أرض سبخة ، والمسلمون في أرض رملية فكان زلقا عليهم وثباتا للمؤمنين ، ثم أنزل ملائكته لقتالهم . والله تعالى أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29057إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=16وَأَكِيدُ كَيْدًا نِسْبَةُ هَذَا الْفِعْلِ لَهُ تَعَالَى ، قَالُوا إِنَّهُ : مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ [ 3 \ 54 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [ 2 \ 14 - 15 ] ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : لَمَّا سُئِلَ عَنْ أَيِّ الطَّعَامِ يُرِيدُ ، وَهُوَ عَارٍ يُرِيدُ كُسْوَةً :
قَالُوا اخْتَرْ طَعَامًا نَجِدْ لَكَ طَبْخَةً قُلْتُ اطْبُخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصَا
وَقَدِ اتَّفَقَ السَّلَفُ ، أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الْإِطْلَاقِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ مِنْهُ اسْمٌ ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ فِي مُقَابِلِ فِعْلِ الْعِبَادِ ; لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُقَابَلَةِ لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَفِي مَعْرِضِ الْمُقَابَلَةِ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالْقُدْرَةِ ، وَالْكَيْدُ أَصْلُهُ الْمُعَاجَلَةُ لِلشَّيْءِ بِقُوَّةٍ .
وَقَالَ
ابْنُ فَارِسٍ فِي مُعْجَمِ مَقَايِيسِ اللُّغَةِ : وَالْعَرَبُ قَدْ تُطْلِقُ الْكَيْدَ عَلَى الْمَكْرِ ، وَالْعَرَبُ قَدْ يُسَمُّونَ الْمَكْرَ كَيْدًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=42أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا [ 52 \ 42 ] ، وَعَلَيْهِ فَالْكَيْدُ هُنَا لَمْ يُبَيَّنْ ، فَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْمَكْرِ ، فَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -
[ ص: 497 ] بَيَانُ شَيْءٍ مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [ 3 \ 54 ] ; بِأَنَّ مَكْرَهُمْ مُحَاوَلَتُهُمْ قَتْلَ
عِيسَى ، وَمَكْرُ اللَّهِ إِلْقَاءُ الشَّبَهِ ، أَيْ : شَبَّهَ
عِيسَى عَلَى غَيْرِ
عِيسَى .
وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ [ 16 \ 26 ] ، وَهَذَا فِي قِصَّةِ النُّمْرُودِ ، فَكَانَ مَكْرُهُمْ بُنْيَانَ الصَّرْحِ لِيَصْعَدَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَكَانَ مَكْرُ اللَّهِ بِهِمْ أَنْ تَرَكَهُمْ حَتَّى تَصَاعَدُوا بِالْبِنَاءِ ، فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ ، فَهَدَمَهُ عَلَيْهِمْ .
وَهَكَذَا الْكَيْدُ هُنَا ، إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ ، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ، وَاللَّهِ يَكِيدُ لَهُمْ بِالِاسْتِدْرَاجِ حَتَّى يَأْتِيَ مَوْعِدُ إِهْلَاكِهِمْ ، وَقَدْ وَقَعَ تَحْقِيقُهُ فِي
بَدْرٍ ; إِذْ خَرَجُوا مُحَادَّةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، وَفِي خُيَلَائِهِمْ وَمُفَاخَرَتِهِمْ ، وَكَيْدُ اللَّهِ لَهُمْ : أَنْ قَلَّلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ ، حَتَّى طَمِعُوا فِي الْقِتَالِ ، وَأَمْطَرَ أَرْضَ الْمَعْرَكَةِ ، وَهُمْ فِي أَرْضٍ سَبْخَةٍ ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي أَرْضٍ رَمْلِيَّةٍ فَكَانَ زَلَقًا عَلَيْهِمْ وَثَبَاتًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ أَنْزَلَ مَلَائِكَتَهُ لِقِتَالِهِمْ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .