قوله تعالى : ثم كان من الذين آمنوا   
هذا قيد في اقتحام العقبة بتلك الأعمال من عتق ، أو إطعام ; لأن عمل غير المؤمن لا يجعله يقتحم العقبة يوم القيامة ; لإحباط عمله ولاستيفائه إياه في الدنيا ، و " ثم " هنا للترتيب الذكري لا الزمني ; لأن الإيمان مشروط وجوده عند العمل . 
وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان شروط قبول العمل وصحته في سورة " الإسراء " عند قوله تعالى : ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن    [ 20 \ 112 ] ، وكقوله : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن    [ 17 \ 19 ] ، وقوله :   [ ص: 535 ] من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن    [ 16 \ 97 ] ; لأن الإيمان هو العمل الأساسي في حمل العبد على عمل الخير يبتغي به الثواب ، وخاصة الإنفاق في سبيل الله ; لأنه بذل بدون عوض عاجل . 
وقد بحث العلماء موضوع عمل الكافر الذي عمله حالة كفره ثم أسلم ، هل ينتفع به بعد إسلامه أم لا ؟ 
والراجح : أنه ينتفع به ، كما ذكر القرطبي    : أن  حكيم بن حزام  بعد ما أسلم ، قال : يا رسول الله ، إنا كنا نتحنث بأعمال في الجاهلية ; فهل لنا منها شيء ؟ فقال - عليه السلام - : " أسلمت على ما أسلفت من الخير " ، وحديث عائشة  ، قالت :   " يا رسول الله ، إن ابن جدعان  كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم الطعام ، ويفك العاني ، ويعتق الرقاب ، ويحمل على إبله لله - فهل ينفعه ذلك شيئا ؟ قال : " لا ، إنه لم يقل يوما : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين "   . 
ومفهومه أنه لو قالها ، أي : لو أسلم فقالها كان ينفعه . والله تعالى أعلم . 
وقوله تعالى : وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة  
 تتمة لصفاتهم ، والصبر عام على الطاعة وعن المعصية ، والمرحمة زيادة في الرحمة ، والحديث :   " الراحمون يرحمهم الرحمن " . 
وذكر المرحمة هنا يتناسب مع العطف على الرقيق والمسكين واليتيم . والله تعالى أعلم . 
				
						
						
