المسألة الرابعة : لو
nindex.php?page=treesubj&link=16502فعل المحلوف عن فعله ناسيا ، ففيه للعلماء ثلاثة مذاهب :
الأول : لا حنث عليه مطلقا ; لأنه معذور بالنسيان ، والله تعالى يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به [ 33 \ 5 ] ، وقال - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007471إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه " ، وهذا الحديث وإن أعله الإمام
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، فإن العلماء تلقوه بالقبول قديما وحديثا ، ويشهد له ما ثبت في صحيح
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007228أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [ 2 \ 286 ] ، قال الله نعم " ، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قال الله " قد فعلت " وكون من فعل ناسيا لا يحنث هو قول
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=16406وابن أبي نجيح ،
وإسحاق ، ورواية عن
أحمد ، كما قاله صاحب " المغني " ، ووجه هذا القول ظاهر للأدلة التي ذكرنا ، وذهب قوم إلى أنه يحنث مطلقا ، وهو مشهور مذهب
مالك ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وقتادة ،
وربيعة ،
وأبو حنيفة ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، كما نقله عنهم صاحب
[ ص: 425 ] " المغني " ، ووجه هذا القول عند القائل به أنه فعل ما حلف لا يفعله عمدا ; فلما كان عامدا للفعل الذي هو سبب الحنث ، لم يعذر بنسيانه اليمين ، ولا يخفى عدم ظهوره .
وذهب قوم إلى الفرق بين الطلاق والعتق وبين غيرهما ، فلا يعذر بالنسيان في الطلاق والعتق ، ويعذر به في غيرهما ، وهذا هو ظاهر مذهب الإمام
أحمد ، كما قاله صاحب " المغني " ، قال : واختاره الخلال ، وصاحبه ، وهو قول
أبي عبيد .
قال مقيده - عفا الله عنه : وهذا القول الأخير له وجه من النظر ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=16427_16411في الطلاق والعتق حقا لله وحقا للآدمي ، والحالف يمكن أن يكون متعمدا في نفس الأمر ، ويدعي النسيان ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=16500العمد من القصود الكامنة التي لا تظهر حقيقتها للناس ، فلو عذر بادعاء النسيان لأمكن تأدية ذلك إلى ضياع حقوق الآدميين ، والعلم عند الله تعالى .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16502فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَنْ فِعْلِهِ نَاسِيًا ، فَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ :
الْأَوَّلُ : لَا حِنْثَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالنِّسْيَانِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ [ 33 \ 5 ] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007471إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ أَعَلَّهُ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007228أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَرَأَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [ 2 \ 286 ] ، قَالَ اللَّهُ نَعَمْ " ، وَمِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : قَالَ اللَّهُ " قَدْ فَعَلْتُ " وَكَوْنُ مَنْ فَعَلَ نَاسِيًا لَا يَحْنَثُ هُوَ قَوْلُ
عَطَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16406وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ،
وَإِسْحَاقَ ، وَرِوَايَةً عَنْ
أَحْمَدَ ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرٌ لِلْأَدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ
مَالِكٍ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَرَبِيعَةُ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ صَاحِبُ
[ ص: 425 ] " الْمُغْنِي " ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ أَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ عَمْدًا ; فَلَمَّا كَانَ عَامِدًا لِلْفِعْلِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْحِنْثِ ، لَمْ يُعْذَرْ بِنِسْيَانِهِ الْيَمِينَ ، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ ظُهُورِهِ .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا ، فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ ، وَيُعْذَرُ بِهِ فِي غَيْرِهِمَا ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ
أَحْمَدَ ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " ، قَالَ : وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ، وَصَاحِبُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي عُبَيْدٍ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ لَهُ وَجْهٌ مِنَ النَّظَرِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16427_16411فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ حَقًّا لِلَّهِ وَحَقًّا لِلْآدَمِيِّ ، وَالْحَالِفُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَيَدَّعِي النِّسْيَانَ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16500الْعَمْدَ مِنَ الْقُصُودِ الْكَامِنَةِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ حَقِيقَتُهَا لِلنَّاسِ ، فَلَوْ عُذِرَ بِادِّعَاءِ النِّسْيَانِ لَأَمْكَنَ تَأْدِيَةُ ذَلِكَ إِلَى ضَيَاعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .