قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم .
قال ، ابن عباس والسدي ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، ، وغير واحد : فرقانا : مخرجا ، زاد ومقاتل بن حيان مجاهد : في الدنيا والآخرة ، وفي رواية عن : فرقانا : نجاة ، وفي رواية عنه : نصرا . وقال ابن عباس محمد بن إسحاق : فرقانا أي : فصلا بين الحق والباطل ، قاله ابن كثير .
قال مقيده عفا الله عنه : قول الجماعة المذكورة : إن المراد بالفرقان : المخرج يشهد له قوله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا الآية [ 65 \ 2 ] ، والقول بأنه النجاة أو النصر ، راجع في المعنى إلى هذا ; لأن ، لكن الذي يدل القرآن واللغة على صحته في تفسير الآية المذكورة هو قول من جعل الله له مخرجا أنجاه ونصره ; لأن الفرقان مصدر زيدت فيه الألف والنون ، وأريد به الوصف أي الفارق بين الحق والباطل ، وذلك هو معناه في قوله : ابن إسحاق تبارك الذي نزل الفرقان [ 25 \ 1 ] ، أي الكتاب الفارق بين الحق والباطل ، وقوله : وأنزل الفرقان [ 3 \ 4 ] ، وقوله : وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان [ 2 \ 53 ] ، وقوله : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان [ 21 \ 48 ] ، ويدل على أن المراد بالفرقان هنا : العلم الفارق بين الحق والباطل ، قوله تعالى في الحديد : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم الآية [ 57 \ 28 ] .
لأن قوله هنا : ويجعل لكم نورا تمشون به ، يعني : علما وهدى تفرقون به بين الحق والباطل ، ويدل على أن المراد بالنور هنا الهدى ، ومعرفة الحق قوله تعالى فيمن كان [ ص: 53 ] كافرا فهداه الله : لمشركون أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس الآية [ 6 \ 122 ] ، فجعل النور المذكور في الحديد : هو معنى الفرقان المذكور في الأنفال كما ترى ، وتكفير السيئات ، والغفران المرتب على تقوى الله في آية الأنفال ، كذلك جاء مرتبا أيضا عليها في آية الحديد ، وهو بيان واضح كما ترى .