قوله تعالى : وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين . صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه حفظ السماء من كل شيطان رجيم ، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله : وحفظا من كل شيطان مارد [ 37 \ 7 ] وقوله : وجعلناها رجوما للشياطين [ 67 \ 5 ] وقوله : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا [ 72 \ 9 ] وقوله : إنهم عن السمع لمعزولون [ 26 \ 212 ] وقوله : [ ص: 257 ] أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين [ 52 \ 38 ] إلى غير ذلك من الآيات .
والاستثناء في هذه الآية الكريمة في قوله : إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين [ 15 \ 18 ] . قال بعض العلماء : هو استثناء منقطع ، وجزم به ، أي لكن من استرق السمع أي الخطفة اليسيرة ، فإنه يتبعه شهاب فيحرقه كقوله تعالى : الفخر الرازي ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب [ 37 \ 8 - 10 ] وقيل : الاستثناء متصل ، أي حفظنا السماء من الشياطين أن تسمع شيئا من الوحي وغيره ، إلا من استرق السمع ، فإنا لم نحفظها من أن تسمع لخبر من أخبار السماء سوى الوحي ، فأما الوحي فلا تسمع منه شيئا ; لقوله تعالى : إنهم عن السمع لمعزولون [ 26 \ 212 ] قاله القرطبي ، ونظيره إلا من خطف الآية [ 37 \ 10 ] فإنه استثناء من الواو في قوله تعالى : لا يسمعون إلى الملإ الآية [ 37 \ 8 ] .