فائدة
وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007075أن nindex.php?page=treesubj&link=16893_16894_25292الله أحل له ولأمته ميتتين ودمين ، أما الميتتان : فالسمك والجراد ، وأما الدمان : فالكبد والطحال ، وسيأتي الكلام على هذا الحديث في الأنعام إن شاء الله تعالى .
وعنه صلى الله عليه وسلم في البحر "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007076هو الحل ميتته " أخرجه
مالك وأصحاب " السنن "
nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد ،
والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في سننهما ،
والحاكم في " المستدرك " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود في " المنتقى " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، وصححه
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري .
وظاهر عموم هذا الحديث وعموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وطعامه ) يدل على إباحة
nindex.php?page=treesubj&link=26954ميتة البحر مطلقا ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه أنه أكل من العنبر ، وهو حوت ألقاه البحر ميتا وقصته مشهورة .
وحاصل تحرير فقه هذه المسألة : أن ميتة البحر على قسمين : قسم لا يعيش إلا في الماء ، وإن أخرج منه مات كالحوت ، وقسم يعيش في البر ، كالضفادع ونحوها .
أما الذي لا يعيش إلا في الماء كالحوت فميتته حلال عند جميع العلماء ،
[ ص: 50 ] وخالف
أبو حنيفة - رحمه الله - فيما مات منه في البحر ، وطفا على وجه الماء فقال فيه : هو مكروه الأكل ، بخلاف ما قتله إنسان أو حسر عنه البحر فمات ، فإنه مباح الأكل عنده .
وأما الذي يعيش في البر من حيوان البحر : كالضفادع والسلحفاة والسرطان وترس الماء فقد اختلف فيه العلماء ؛ فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس إلى أن ميتة البحر من ذلك كله مباحة الأكل ، وسواء مات بنفسه أو وجد طافيا أو باصطياد ، أو أخرج حيا ، أو ألقي في النار ، أو دس في طين .
وقال
ابن نافع ،
وابن دينار :
nindex.php?page=treesubj&link=16896ميتة البحر مما يعيش في البر نجسة .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة قولا ثالثا بالفرق بين أن يموت في الماء ، فيكون طاهرا ، أو في البر فيكون نجسا ، وعزاه
لعيسى ، عن
ابن القاسم . والضفادع البحرية عند
مالك مباحة الأكل ، وإن ماتت فيه .
وفي " المدونة " : ولا بأس بأكل الضفادع وإن ماتت ; لأنها من صيد الماء . ا ه .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=27360ميتة الضفادع البرية فهي حرام بلا خلاف بين العلماء ، وأظهر الأقوال منع الضفادع مطلقا ولو ذكيت ، لقيام الدليل على ذلك ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=16896كلب الماء وخنزيره فالمشهور من مذهب
مالك فيهما الكراهة .
قال
خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " عاطفا على ما يكره ، وكلب ماء وخنزيره .
وقال
الباجي : أما كلب البحر وخنزيره ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان أنه مكروه ، وقاله
ابن حبيب .
وقال
ابن القاسم في " المدونة " : لم يكن
مالك يجيبنا في خنزير الماء بشيء ، ويقول : أنتم تقولون خنزيرا .
وقال
ابن القاسم : وأنا أتقيه ولو أكله رجل لم أره حراما ، هذا هو حاصل مذهب
مالك في المسألة ، وحجته في إباحة ميتة الحيوان البحري كان يعيش في البر أو لا .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه ) [ 5 \ 96 ] ولا طعام له غير صيده إلا ميتته ، كما قاله جمهور العلماء ، وهو الحق ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في البحر :
[ ص: 51 ] "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007077هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وقد قدمنا ثبوت هذا الحديث وفيه التصريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ميتة البحر حلال ، وهو فصل في محل النزاع . وقد تقرر في الأصول أن
nindex.php?page=treesubj&link=21135المفرد إذا أضيف إلى معرفة كان من صيغ العموم . كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) [ 24 \ 63 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ 14 \ 34 ] .
وإليه أشار في " مراقي السعود " بقوله عاطفا على صيغ العموم : [ الرجز ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وما معرفا بأل قد وجدا
أو بإضافة إلى معرف إذا تحقق الخصوص قد نفى
وبه نعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم " ميتته " يعم بظاهره كل ميتة مما في البحر .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في هذه المسألة هو أن ما لا يعيش إلا في البحر فميتته حلال بلا خلاف ، سواء كان طافيا على الماء أم لا .
فَائِدَةٌ
وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007075أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=16893_16894_25292اللَّهَ أَحَلَّ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ مَيْتَتَيْنِ وَدَمَيْنِ ، أَمَّا الْمَيْتَتَانِ : فَالسَّمَكُ وَالْجَرَادُ ، وَأَمَّا الدَّمَانِ : فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْأَنْعَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَحْرِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007076هُوَ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " أَخْرَجَهُ
مَالِكٌ وَأَصْحَابُ " السُّنَنِ "
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِمَا ،
وَالْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12644وَابْنُ الْجَارُودِ فِي " الْمُنْتَقَى " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَصَحَّحَهُ
التِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13114وَابْنُ خُزَيْمَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ .
وَظَاهِرُ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَطَعَامُهُ ) يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=26954مَيْتَةِ الْبَحْرِ مُطْلَقًا ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَكَلَ مِنَ الْعَنْبَرِ ، وَهُوَ حُوتٌ أَلْقَاهُ الْبَحْرُ مَيْتًا وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ .
وَحَاصِلُ تَحْرِيرِ فِقْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ عَلَى قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ لَا يَعِيشُ إِلَّا فِي الْمَاءِ ، وَإِنْ أُخْرِجَ مِنْهُ مَاتَ كَالْحُوتِ ، وَقِسْمٌ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ ، كَالضَّفَادِعِ وَنَحْوِهَا .
أَمَّا الَّذِي لَا يَعِيشُ إِلَّا فِي الْمَاءِ كَالْحُوتِ فَمَيْتَتُهُ حَلَالٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ ،
[ ص: 50 ] وَخَالَفَ
أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا مَاتَ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ ، وَطَفَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَقَالَ فِيهِ : هُوَ مَكْرُوهُ الْأَكْلِ ، بِخِلَافِ مَا قَتَلَهُ إِنْسَانٌ أَوْ حَسِرَ عَنْهُ الْبَحْرُ فَمَاتَ ، فَإِنَّهُ مُبَاحُ الْأَكْلِ عِنْدَهُ .
وَأَمَّا الَّذِي يَعِيشُ فِي الْبَرِّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ : كَالضَّفَادِعِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ وَتُرْسِ الْمَاءِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ ؛ فَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِلَى أَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مُبَاحَةُ الْأَكْلِ ، وَسَوَاءٌ مَاتَ بِنَفْسِهِ أَوْ وُجِدَ طَافِيًا أَوْ بِاصْطِيَادٍ ، أَوْ أُخْرِجَ حَيًّا ، أَوْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، أَوْ دُسَّ فِي طِينٍ .
وَقَالَ
ابْنُ نَافِعٍ ،
وَابْنُ دِينَارٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=16896مَيْتَةُ الْبَحْرِ مِمَّا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ نَجِسَةٌ .
وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا ثَالِثًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ فِي الْمَاءِ ، فَيَكُونُ طَاهِرًا ، أَوْ فِي الْبَرِّ فَيَكُونُ نَجِسًا ، وَعَزَاهُ
لِعِيسَى ، عَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ . وَالضَّفَادِعُ الْبَحْرِيَّةُ عِنْدَ
مَالِكٍ مُبَاحَةُ الْأَكْلِ ، وَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ .
وَفِي " الْمُدَوَّنَةِ " : وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الضَّفَادِعِ وَإِنْ مَاتَتْ ; لِأَنَّهَا مِنْ صَيْدِ الْمَاءِ . ا ه .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=27360مَيْتَةُ الضَّفَادِعِ الْبَرِّيَّةِ فَهِيَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ ، وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ مَنْعُ الضَّفَادِعِ مُطْلَقًا وَلَوْ ذُكِّيَتْ ، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16896كَلْبُ الْمَاءِ وَخِنْزِيرُهُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ
مَالِكٍ فِيهِمَا الْكَرَاهَةُ .
قَالَ
خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِيُّ فِي " مُخْتَصَرِهِ " عَاطِفًا عَلَى مَا يُكْرَهُ ، وَكَلْبُ مَاءٍ وَخِنْزِيرُهُ .
وَقَالَ
الْبَاجِيُّ : أَمَّا كَلْبُ الْبَحْرِ وَخِنْزِيرُهُ ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13270ابْنُ شَعْبَانَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ، وَقَالَهُ
ابْنُ حَبِيبٍ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي " الْمُدَوَّنَةِ " : لَمْ يَكُنْ
مَالِكٌ يُجِيبُنَا فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ بِشَيْءٍ ، وَيَقُولُ : أَنْتُمْ تَقُولُونَ خِنْزِيرًا .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : وَأَنَا أَتَّقِيهِ وَلَوْ أَكَلَهُ رَجُلٌ لَمْ أَرَهُ حَرَامًا ، هَذَا هُوَ حَاصِلُ مَذْهَبِ
مَالِكٍ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَحُجَّتَهُ فِي إِبَاحَةِ مَيْتَةِ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ كَانَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ أَوْ لَا .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) [ 5 \ 96 ] وَلَا طَعَامَ لَهُ غَيْرُ صَيْدِهِ إِلَّا مَيْتَتُهُ ، كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَحْرِ :
[ ص: 51 ] "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007077هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " وَقَدْ قَدَّمْنَا ثُبُوتَ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ حَلَالٌ ، وَهُوَ فَصْلٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ . وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21135الْمُفْرَدَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ كَانَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ . كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) [ 24 \ 63 ] ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ) [ 14 \ 34 ] .
وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي " مَرَاقِي السُّعُودِ " بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى صِيَغِ الْعُمُومِ : [ الرَّجَزُ ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَا مُعَرَّفًا بِأَلْ قَدْ وُجِدَا
أَوْ بِإِضَافَةٍ إِلَى مُعَرَّفٍ إِذَا تَحَقَّقَ الْخُصُوصُ قَدْ نَفَى
وَبِهِ نَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَيْتَتُهُ " يَعُمُّ بِظَاهِرِهِ كُلَّ مَيْتَةٍ مِمَّا فِي الْبَحْرِ .
وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ أَنَّ مَا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِي الْبَحْرِ فَمَيْتَتُهُ حَلَالٌ بِلَا خِلَافٍ ، سَوَاءً كَانَ طَافِيًا عَلَى الْمَاءِ أَمْ لَا .