[ ص: 334 ] : القول بتكليف البهائم
( قال ) : وأغرب من هذا دعوى الصوفية ونقله الشعراني عن شيخه علي الخواص - قدس الله تعالى سره - أن الحيوانات مخاطبة مكلفة من عند الله تعالى من حيث لا يشعر المحجوبون ، ثم قال : ويؤيده قوله تعالى : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) ( 35 : 24 ) حيث نكر سبحانه وتعالى الأمة والنذير وهم من جملة الأمم ، ونقل عن - رضي الله تعالى عنهما - أنه كان يقول : جميع ما في الأمم فينا ؟ حتى أن فيهم ابن عباس مثلي ، وذكر في " الأجوبة المرضية " أن فيهم أنبياء ، وفي " الجواهر " أنه يجوز أن يكون النذير من أنفسهم وأن يكون خارجا عنهم من جنسهم ، وحكى شيخه عن بعضهم أنه قال : إن تشبيه الله تعالى من ضل من عباده بالأنعام في قوله سبحانه وتعالى : ( ابن عباس إن هم إلا كالأنعام ) ليس لنقص فيها وإنما هو لبيان كمال مرتبتها في العلم بالله تعالى حتى حارت فيه ، فالتشبيه في الحقيقة واقع في الحيرة لا في المحار فيه ، فلا أشد حيرة من العلماء بالله تعالى ، فأعلى ما يصل إليه العلماء بربهم - سبحانه وتعالى - هو مبتدأ البهائم الذي لم تنتقل عنه - أي عن أصله - وإن كانت متنقلة في شئونه بتنقل الشئون الإلهية ؛ لأنها لا تثبت على حال ; ولذلك كان من وصفهم الله عز وجل من هؤلاء القوم أضل سبيلا من الأنعام ؛ لأنهم يريدون الخروج من الحيرة من طريق فكرهم ونظرهم ولا يمكن ذلك لهم ، والبهائم علمت ذلك ، ووقفت عنده ، ولم تطلب الخروج عنه ، وذلك لشدة علمها بالله تعالى . انتهى .
( قال ) : ونقل الشهاب عن ابن المنير أن من ذهب إلى أن البهائم الهوام مكلفة لها رسل من جنسها فهو من الملاحدة الذين لا يعول عليهم وغيره ، وعلى إكفار القائل بذلك نص كثير من الفقهاء ، والجزاء الذي يكون يوم القيامة للحيوانات عندهم ليس جزاء تكليف ، على أن بعضهم ذهب إلى أن الحيوانات لا تحشر يوم القيامة ، وأول الظواهر الدالة على ذلك وما نقل عن كالجاحظ - رضي الله تعالى عنهما - ما لا أصل له والمثلية في الآية لا تدل على شيء مما ذكر . ابن عباس