الباب الأول ( في شرح اعتقاد السلف في هذه الأخبار ) اعلم أن الحق الصريح الذي لا مراء فيه عند أهل البصائر هو مذهب السلف ، أعني مذهب الصحابة والتابعين وها أنا أورد بيانه وبيان برهانه ( فأقول ) : حقيقة - وهو الحق عندنا - أن كل من بلغه حديث من هذه الأحاديث من عوام الخلق يجب عليه فيه سبعة أمور : التقديس . ثم التصديق ، ثم الاعتراف بالعجز . ثم السكوت . ثم الإمساك . ثم الكف ؟ ثم التسليم لأهل المعرفة ، ( أما التقديس ) فأعني به تنزيه الرب - تعالى - عن الجسمية وتوابعها . ( وأما التصديق ) فهو الإيمان بما قاله - صلى الله عليه وسلم - وأن ما ذكره حق ، وهو فيما قاله صادق ، وأنه حق على الوجه الذي قاله وأراده . ( وأما الاعتراف بالعجز ) فهو أن يقر بأن معرفة مراده ليست على قدر طاقته ، وأن ذلك ليس من شأنه وحرفته . مذهب السلف
[ ص: 172 ] ( وأما السكوت ) فألا يسأل عن معناه ولا يخوض فيه ويعلم أن سؤاله عنه بدعة ، وأنه في خوضه فيه مخاطر بدينه . وأنه يوشك أن يكفر لو خاض فيه من حيث لا يشعر . ( وأما الإمساك ) فألا يتصرف في تلك الألفاظ بالتصريف والتبديل بلغة أخرى . والزيادة فيه والنقصان منه والجمع والتفريق ، بل لا ينطق إلا بذلك اللفظ وعلى ذلك الوجه من الإيراد والإعراب والتصريف والصيغة . ( وأما الكف ) فأن يكف باطنه عن البحث عنه والتفكر فيه . ( وأما التسليم لأهله ) فألا يعتقد أن ذلك إن خفي عليه لعجزه فقد خفي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو على الأنبياء أو على الصديقين والأولياء ، فهذه سبع وظائف اعتقد كافة السلف وجوبها على كل العوام ، لا ينبغي أن يظن بالسلف الخلاف في شيء منها ، فلنشرحها وظيفة وظيفة إن شاء الله - تعالى - .