ثم قال - تعالى - : من بعد وصية  أي يوصيكم الله ويعهد إليكم أيها المؤمنون بأن لأولاد من يموت منكم كذا ولأبويه كذا من بعد وصية : يوصى بها  أي يقع الإيصاء بها من الميت هكذا قرأ ابن عامر  ، وابن كثير  ، وأبو بكر  ، عن عاصم    : ( يوصى ) بفتح الصاد مبنيا للمفعول مخففا وقرأه الباقون " يوصي " بكسر الصاد بالبناء للفاعل ، ووصف الوصية بأنها يوصى بها لتأكيد أمرها ، والتحقق من نسبتها إلى الميت ، لأن الحقوق يجب التثبت فيها . هذا ما تبادر إلى فهمي ، وقيل : إن فائدة الوصف الترغيب في الوصية ، والندب إليها ، وقيل : فائدته التعميم أو دين  أي ومن بعد دين يتركه عليه . وقدمت الوصية على الدين في الذكر ; لأنها شبيهة بالميراث شاقة على الورثة وإن كان الدين مقدما عليها في الوفاء ، فهو أول ما يجب في التركة  ، ويليه الوصية فهي مما فضل عن الدين ، وما بقي بعد أدائهما هو الذي يقسم على الوارثين . وعطف   [ ص: 344 ] الدين على الوصية بأو دون الواو للإيذان بأنهما متساويان في الوجوب متقدمان على القسمة مجموعين أو منفردين . 
				
						
						
