المسألة الخامسة ـ التيمم عن الحدثين لفاقد الماء  ، المسافر والمقيم فيه سواء : 
تقدم حديث عمار  في السفر ، وحديث  عمران بن حصين  في الرجل الذي اعتزل الصلاة مع الجماعة للجنابة وفقد الماء ، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له : عليك بالصعيد فإنه يكفيك وهو في الصحيحين ، وسنن  النسائي  وفي حديث أبي ذر  عند أصحاب السنن مرفوعا ، وصححه الترمذي  بلفظ : إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير وفيها رواية شقيق  لحديث عمار  ، قال : كنت عند عبد الله  ، وأبي موسى  ، فقال أبو موسى    : أرأيت يا عبد الرحمن  لو أن رجلا أجنب ولم يجد الماء   [ ص: 104 ] شهرا كيف يصنع ؟ فقال : لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا ، فقال أبو موسى    : كيف بهذه الآية في سورة المائدة : فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا    ( 5 : 6 ) ، قال عبد الله    : لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد ، قال : إنما كرهتم هذا لذا ؟ قال : نعم ، فقال أبو موسى  لعبد الله    : ألم تسمع قول عمار  لعمر    : بعثني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأجنبت فلم أجد الماء ، فتمرغت بالصعيد كما تتمرغ الدابة ، ثم أتيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكرت له ذلك ، فقال : إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا ، وضرب بكفه ضربة على الأرض ، ثم نفضها ، ثم مسح بها ظهر كفه وشماله ، أو ظهر شماله بكفه ، ثم مسح بهما وجهه ، فقال عبد الله    : أولم تر عمر  لم يقنع بقول عمار  ؟ أقول : بل قنع عمر  بقول عمار  كما تقدم ، ولكنه كان يكره التوسع في هذه الرخصة ، وكان عمر  وعبد الله  يريان أن التيمم إنما يكون عن الوضوء دون الجنابة ، ويريان أن المراد بالملامسة مس البشرة ، وأنه ينقض الوضوء وعليه الشافعية ، وروي أن عمر  ،  وعبد الله بن مسعود  رجعا عن قولهما هذا ، ولم يحك ذلك عن غيرهما إلا عن  إبراهيم النخعي  من التابعين ، وقد انعقد الإجماع بعد ذلك على مشروعية التيمم للوضوء والجنابة ، وأن كيفيته لهما واحدة . 
				
						
						
