ذلك الفضل من الله في هذه العبارة وجهان : أحدهما أن المعنى ذلك الذي ذكر [ ص: 202 ] من جزاء من يطيع الله ورسوله هو الفضل الكامل الذي لا يعلوه فضل ، فإن الصعود إلى إحدى تلك المراتب في الدنيا وما يتبعه من مرافقة أهلها وأهل من فوقها في الآخرة هو منتهى السعادة ، فيه يتفاضل الناس فيفضل بعضهم بعضا ، وهو من الله تفضل به على عباده ، وثانيهما : أن المعنى : ذلك الفضل الذي ذكره من جزاء المطيعين هو من الله - تعالى - .
ويرى بعض الناس أن التعبير بلفظ الفضل ينافي أن يكون ذلك جزاء ويقتضي أن يكون زيادة على الجزاء ، سمه جزاء أو لا تسمه هو من فضل الله - تعالى - على كل حال .
وكفى بالله عليما وكيف لا تقع الكفاية بعلمه بالأعمال وبدرجة الإخلاص فيها وبما يستحق العامل من الجزاء ، وإرادته تعالى للجزاء الوفاق والجزاء الفضل ولزيادة الفضل ، ذلك كله تابع لعلمه المحيط ! فهو يعطي بإرادته ومشيئته ، ويشاء بحسب علمه ، فالتذكير بالعلم الإلهي في آخر السياق يشعرنا بأن شيئا من أعمالنا ونياتنا لا يعزب عن علمه ، ليحذر المنافقون المراءون ، لعلهم يتذكرون فيتوبون ، وليطمئن المؤمنون الصادقون ، لعلهم ينشطون ويزدادون .