وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما .
[ ص: 270 ] لما بين الله - تعالى - أحكام قتل المنافقين الذين يظهرون الإسلام مخادعة ويسرون الكفر ويعينون أهله على قتال المؤمنين ، والذين يعاهدون المسلمين على السلم ويحالفونهم على الولاء والنصر ، ثم يغدرون ويكونون عونا لأعدائهم عليهم ، ناسب أن يذكر أحكام وما يقع من ذلك خطأ فقال : قتل من لا يحل قتله من مؤمن ومعاهد وذمي وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ، بينا في غير موضع أن هذا الضرب من النفي نفي للشأن وهو أبلغ من نفي الفعل ، أي ما كان من شأن المؤمن من حيث هو مؤمن ولا من خلقه وعمله أن يقتل أحدا من أهل الإيمان ; لأن الإيمان - وهو صاحب السلطان على نفسه والحاكم على إرادته المصرفة لعمله - هو الذي يمنعه من هذا القتل أن يجترحه عمدا ، ولكنه قد يقع منه ذلك خطأ فقوله - تعالى - : إلا خطأ ، استثناء منقطع معناه ما ذكرنا من الاستدراك ، وقيل : هو متصل معناه ما ثبت ولا وجد قتل المؤمن للمؤمن إلا خطأ ، وهو نفي بمعنى النهي للمبالغة .