مذبذبين بين ذلك   ، قال الراغب    : الذبذبة حكاية صوت الحركة للشيء المعلق ، ثم استعير لكل اضطراب وحركة ، قال تعالى : مذبذبين بين ذلك  أي : مضطرين مائلين تارة إلى المؤمنين ، وتارة إلى الكافرين " ، وقيل : بين الكفر والإيمان ، ويقوي الأول قوله :   [ ص: 383 ] لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء  ، أي : لا يخلصون في الانتساب إلى واحد من الفريقين ; لأنهم يطلبون المنفعة ولا يدرون لمن تكون العاقبة ، فهم يميلون إلى اليمين تارة وإلى الشمال أخرى ، فمتى ظهرت الغلبة التامة لأحد الفريقين ادعوا أنهم منه ، كما بينه تعالى في الآية التي قبل هاتين الآيتين : ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا  ، أي : ومن قضت سنة الله في أخلاق البشر وأعمالهم أن يكون ضالا عن الحق موغلا في الباطل فلن تجد له أيها الرسول أو أيها السامع سبيلا للهداية برأيك واجتهادك ، فإن سنن الله تعالى لا تتبدل ولا تتحول ، هذا هو معنى إضلال الله تعالى الذي يتفق به نصوص كتابه بعضها مع بعض ، وتظهر به حكمته في التكليف والجزاء ، وليس معناه أنه ينشئ فطرة بعض الناس على الكفر والضلال فيكون مجبورا على ذلك لا عمل له ولا اختيار فيه كعمل المعدة في الهضم ، والقلب في دورة الدم ، كما توهم من لا عقل له ولا علم . 
ومن مباحث اللفظ في الآيتين قولهم : إن جملة : ولا يذكرون الله  ، حال من فاعل يراءون وكذا مذبذبين وقيل : إن هذا منصوب على الذم . 
				
						
						
