[ ص: 128 ] إبطال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم nindex.php?page=treesubj&link=28368القياس والرأي :
( مسألة ) ولا يحل القول بالقياس في الدين ولا بالرأي ; لأن أمر الله تعالى بالرد عند التنازع إلى كتابه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم قد صح ، فمن رد إلى قياس أو إلى تعليل يدعيه أو إلى رأي فقد خالف أمر الله تعالى المتعلق بالإيمان ، ورد إلى غير ما أمره الله تعالى بالرد إليه ، وفي هذا ما فيه .
( قال
علي ) : وقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء ) ( 6 : 38 ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89تبيانا لكل شيء ) ( 16 : 89 ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لتبين للناس ما نزل إليهم ) ( 16 : 44 ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم ) ( 5 : 3 ) إبطال للقياس والرأي; لأنه لا يختلف أهل القياس والرأي في أنه لا يجوز استعمالهما ما دام يوجد نص . وقد شهد الله تعالى بأن النص لم يفرط فيه شيئا ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين للناس كل ما نزل إليهم ، وأن الدين قد كمل فصح أن النص قد استوفى جميع الدين . فإذا كان ذلك كذلك فلا حاجة بأحد إلى قياس ولا إلى رأي ولا إلى رأي غيره .
ونسأل من قال بالقياس : هل كل قياس قاسه قائس حق ؟ أم منه حق ومنه باطل ؟ فإن قال : كل قياس حق أحال; لأن المقاييس تتعارض ويبطل بعضها بعضا ، ومن المحال أن يكون الشيء وضده من التحريم والتحليل حقا معا ، وليس هذا مكان نسخ ولا تخصيص كالأخبار المتعارضة التي ينسخ بعضها بعضا ويخصص بعضها بعضا . وإن قال : بل منها حق ومنها باطل قيل له : فعرفنا بماذا يعرف القياس الصحيح من الفاسد ؟ ولا سبيل لهم إلى وجود ذلك .
وإذا لم يوجد دليل على تصحيح الصحيح من القياس من الباطل منه فقد بطل كله ، وصار دعوى بلا برهان .
فإن ادعوا أن القياس قد أمر الله تعالى به ، سئلوا : أين وجدوا ذلك ؟ فإن قالوا : قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فاعتبروا يا أولي الأبصار ) ( 59 : 2 ) قيل لهم : إن الاعتبار ليس هو كلام العرب الذي نزل به القرآن إلا التعجب قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وإن لكم في الأنعام لعبرة )
[ ص: 129 ] أي تعجبا ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=111لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) ( 12 : 111 ) أي عجب . ومن الباطل أن يكون معنى الاعتبار القياس ، ويقول الله تعالى لنا : قيسوا ، ثم لا يبين لنا ماذا نقيس ؟ ولا كيف نقيس ؟ ولا على ماذا نقيس ؟ هذا ما لا سبيل إليه; لأنه ليس في وسع أحد أن يعلم شيئا من الدين إلا بتعليم الله تعالى إياه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ( 2 : 286 ) .
فإن ذكروا أحاديث وآيات فيها تشبيه شيء بشيء ، وأن الله قضى وحكم بأمر كذا من أجل أمر كذا ، قلنا لهم : كل ما قاله الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك فهو حق ، لا يحل لأحد خلافه ، وهو نص به نقول ، وكيفما تريدون أنتم أن تشبهوه في الدين ، وأن تعلقوه مما لم ينص عليه الله تعالى ، ولا رسوله عليه السلام فهو باطل وإفك ، وشرع لم يأذن الله تعالى به . وهذا يبطل عليهم تمويههم بذكر آية جزاء الصيد ، و " أرأيت لو مضمضت " و (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ) ( 5 : 32 ) وكل آية وحديث موهوا بإيراده ، وهو مع ذلك حجة عليهم ، على ما بيناه في ( كتاب الإحكام لأصول الأحكام ) وفي ( كتاب النكت ) وفي ( كتاب الدرة ) و ( كتاب النبذ ) .
( قال
علي ) : وقد عارضناهم في كل قياس قاسوه بقياس مثله أو أوضح منه على أصولهم لنريهم فساد القياس جملة ، فموه منهم مموهون . فإن قالوا : أنتم دابا تبطلون القياس بالقياس ، وهذا منكم رجوع إلى القياس واحتجاج به ، وأنتم في ذلك بمنزلة المحتج بحجة العقل ليبطل حجة العقل ، وبدليل من النظر ليبطل به النظر .
( قال
علي ) فقلنا : هذا شغب يسهل إفساده ولله الحمد ، ونحن لم نحتج بالقياس في إبطال القياس ، ومعاذ الله من هذا ، لكن أريناكم أن أصلكم الذي أتيتموه من تصحيح القياس يشهد بفساد قياساتكم ، ولا قول أظهر باطلا من قول أكذب نفسه ، وقد نص الله تبارك وتعالى على هذا فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) ( 5 : 18 ) فليس هذا تصحيحا لقولهم : إنهم أبناء الله وأحباؤه ، ولكن إلزاما لهم ما يفسد به قولهم . ولسنا في ذلك كمن ذكرتم ممن يحتج في إبطال حجة العقل بحجة العقل; لأن فاعل ذلك مصحح القضية العقلية التي يحتج بها ، فظهر تناقضه من قرب ، ولا حجة له غيرها ، فقد ظهر بطلان قوله . وأما نحن فلم نحتج قط في إبطال القياس بقياس نصححه ، ولكنا نبطل القياس بالنصوص وبراهين العقل . ثم نزيد بيانا في فساده منه نفسه بأن نرى تناقضه جملة فقط ، والقياس الذي نعارض به قياسكم نحن نقر بفساده وفساد قياسكم الذي
[ ص: 130 ] هو مثله أو أضعف منه ، كما نحتج على أهل كل مقالة من
معتزلة ،
ورافضة ،
ومرجئة ،
وخوارج ،
ويهود ،
ونصارى ،
ودهرية ، من أقوالهم التي يشهدون بصحتها ، فنريهم فسادها وتناقضها ، وأنتم تحتجون عليهم معنا بذلك ولسنا نحن ولا أنتم ممن يقر بتلك الأقوال التي نحتج عليهم منها ، بل هي عندنا في غاية البطلان والفساد كاحتجاجنا على
اليهود والنصارى من كتبهم التي بأيديهم ونحن لا نصححها ، بل نقول : إنها محرفة مبدلة ؛ لكن لنريهم تناقض أصولهم وفروعهم ، لا سيما وجميع أصحاب القياس مختلفون في قياساتهم ، لا تكاد توجد مسألة إلا وكل طائفة منهم تأتي بقياس تدعي صحته تعارض به قياس الأخرى .
وهم كلهم مقرون مجمعون على أنه ليس كل قياس صحيحا ولا كل رأي حقا ، فقلنا لهم : فهاتوا حد القياس الصحيح والرأي الصحيح الذين يتميزان به من القياس الفاسد . وهاتوا حد العلة الصحيحة التي لا تقيسون إلا عليها من العلة الفاسدة ، فلجلجوا .
( قال
علي ) : وهذا مكان إن زم عليهم فيه ظهر فساد قولهم جملة ولم يكن لهم إلى جواب يفهم سبيل أبدا ، وبالله تعالى التوفيق .
فإن أتوا في شيء من ذلك بنص قلنا : النص حق ، والذي تريدون أنتم إضافته إلى النص بآرائكم باطل ، وفي هذا خولفتم ، وهكذا أبدا .
فإن ادعوا أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على القول بالقياس قيل لهم : كذبتم ، بل الحق أنهم كلهم أجمعوا على بطلانه . برهان كذبهم : أنه لا سبيل لهم إلى وجود حديث عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه أطلق الأمر بالقول بالقياس أبدا ، إلا في الرسالة المكذوبة الموضوعة على
عمر رضي الله عنه فإن فيها : " واعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور " وهذه رسالة لم يروها إلا
عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه ، وهو ساقط بلا خلاف ، وأبوه أسقط منه أو ممن هو مثله في السقوط ، فكيف وفي هذه الرسالة نفسها أشياء خالفوا فيها
عمر رضي الله عنه ؟ منها قوله فيها : " والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو ظنينا في ولاء أو نسب " وهم لا يقولون بهذا ، يعني جميع الحاضرين من أصحاب القياس حنفيهم ومالكيهم وشافعيهم ، فإن كان قول
عمر لو صح في تلك الرسالة في القياس حجة ، فقوله في أن المسلمين عدول كلهم إلا مجلودا في حد حجة . فليس قوله في القياس حجة لو صح ، فكيف ولم يصح ؟
[ ص: 131 ] وأما برهان صحة قولنا في إجماع الصحابة رضي الله عنهم على إبطال القياس ، فإنه لا يختلف اثنان في أن جميع الصحابة رضي الله عنهم مصدقون بالقرآن وفيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم ) ( 5 : 3 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) ( 4 : 59 ) فمن الباطل المحال أن يكون الصحابة رضي الله عنهم يعلمون هذا ويؤمنون به ثم يردون عند التنازع إما إلى قياس أو رأي . هذا ما لا يظنه بهم ذو عقل .
فكيف وقد ثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق رضي الله عنه أنه قال : " أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني ، إن قلت في آية من كتاب الله برأيي ، أو بما لا أعلم " وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2الفاروق رضي الله عنه أنه قال : " اتهموا الرأي على الدين ، وإن الرأي منا هو الظن والتكلف " وعن
عثمان رضي الله عنه في فتيا أفتاها " إنما كان رأيا رأيته فمن شاء أخذه ومن شاء تركه " وعن
علي رضي الله عنه : " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف رضي الله عنه : " أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه : " من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من جهنم " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه : " سأقول فيها بجهد رأيي " . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل في حديث : " تبتدع كلاما ليس من كتاب الله عز وجل ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإياكم وإياه; فإنه بدعة وضلالة " فعلى هذا النحو هو كل رأي .
وروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم لا على أنه إلزام ولا أنه حق ، ولكنه إشارة بعفو أو صلح أو تورع فقط لا على سبيل الإيجاب . . . وحديث
معاذ الذي فيه : " أجتهد رأيي ولا آلو " لا يصح لأنه لم يروه أحد إلا
الحارث بن عمرو وهو مجهول لا يدرى من هو ، عن رجال من
أهل حمص لم يسمهم عن
معاذ . وقد تقصينا إسناد هذه الأحاديث كلها في كتبنا المذكورة ولله تعالى الحمد .
حدثنا
أحمد بن قاسم ، نا
ابن قاسم بن محمد بن قاسم ، نا جدي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، نا
محمد بن إسماعيل الترمذي ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15710جرير بن عثمان ، عن
عبد الرحمن بن جبير بن نصير ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919616تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحلون الحرام ويحرمون الحلال " .
قال
علي : والشريعة كلها إما فرض يعصي من تركه ، وإما حرام يعصي من فعله ،
[ ص: 132 ] وإما مباح لا يعصي من فعله ولا من تركه . وهذا المباح ينقسم ثلاثة أقسام : إما مندوب إليه يؤجر من فعله ولا يعصي من تركه ، وإما مكروه يؤجر من تركه ولا يعصي من فعله ، وإما مطلق لا يؤجر من فعله ولا من تركه ، ولا يعصي من تركه ولا من فعله . وقال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29خلق لكم ما في الأرض جميعا ) ( 2 : 29 ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وقد فصل لكم ما حرم عليكم ) ( 6 : 119 ) فصح أن كل شيء حلال إلا ما فصل تحريمه في القرآن والسنة . حدثنا
عبد الله بن يوسف ، نا
أحمد بن فتح ، نا
عبد الوهاب بن عيسى ، نا
أحمد بن محمد ، نا
أحمد بن علي ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=14359الربيع بن مسلم القرشي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16962محمد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919617أيها الناس ! إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا . فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى أعادها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه " .
( قال
علي ) : فجمع هذا الحديث جميع أحكام الدين أولها عن آخرها . ففيه أن ما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمر به ولا نهى عنه فهو مباح وليس حراما ولا فرضا ، وأن ما أمر به فهو فرض ، وما نهى عنه فهو حرام ، وأن ما أمرنا ( به ) فإنما يلزمنا منه ما نستطيع فقط ، وأن نفعل مرة واحدة نؤدي ما ألزمنا ، ولا يلزمنا تكراره فأي حاجة بأحد إلى القياس أو رأي مع هذا البيان الواضح ، ونحمد الله على عظيم نعمه .
فإن قال قائل منهم : لا يجوز إبطال القول بالقياس إلا حتى توجدونا تحريم القول به نصا في القرآن . قلنا : قد أوجدناكم البرهان نصا بذلك بألا تردوا التنازع إلا إلى القرآن والسنة فقط ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ) ( 7 : 3 ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=74فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ) ( 16 : 74 ) والقياس ضرب أمثال في الدين لله تعالى .
ثم يقال لهم : إن عارضتم
الروافض بمثل هذا فقالوا لكم : لا يجوز القول بإبطال الإلهام ، ولا بإبطال اتباع الإمام ، إلا حتى توجدونا تحريم ذلك نصا . أو قال لكم ذلك أهل كل مقالة في تقليد إنسان بعينه ، بماذا تتفصون ؟ بل الحق أن يقال : إنه لا يحل أن يقال على الله تعالى : إنه حرم أو حلل أو أوجب إلا بنص فقط ، وبالله تعالى التوفيق اهـ .
[ ص: 128 ] إِبْطَالُ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنِ حَزْمٍ nindex.php?page=treesubj&link=28368الْقِيَاسَ وَالرَّأْيَ :
( مَسْأَلَةٌ ) وَلَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِالْقِيَاسِ فِي الدِّينِ وَلَا بِالرَّأْيِ ; لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى كِتَابِهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَحَّ ، فَمَنْ رَدَّ إِلَى قِيَاسٍ أَوْ إِلَى تَعْلِيلٍ يَدَّعِيهِ أَوْ إِلَى رَأْيٍ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَ بِالْإِيمَانِ ، وَرَدَّ إِلَى غَيْرِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالرَّدِّ إِلَيْهِ ، وَفِي هَذَا مَا فِيهِ .
( قَالَ
عَلِيٌّ ) : وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) ( 6 : 38 ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ) ( 16 : 89 ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) ( 16 : 44 ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ( 5 : 3 ) إِبْطَالٌ لِلْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ; لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمَا مَا دَامَ يُوجَدُ نَصٌّ . وَقَدْ شَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ شَيْئًا ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ لِلنَّاسِ كُلَّ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ، وَأَنَّ الدِّينَ قَدْ كَمُلَ فَصَحَّ أَنَّ النَّصَّ قَدِ اسْتَوْفَى جَمِيعَ الدِّينِ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ بِأَحَدٍ إِلَى قِيَاسٍ وَلَا إِلَى رَأْيٍ وَلَا إِلَى رَأْيِ غَيْرِهِ .
وَنَسْأَلُ مَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ : هَلْ كُلُّ قِيَاسٍ قَاسَهُ قَائِسٌ حَقٌّ ؟ أَمْ مِنْهُ حَقٌّ وَمِنْهُ بَاطِلٌ ؟ فَإِنْ قَالَ : كُلُّ قِيَاسٍ حَقٌّ أَحَالَ; لِأَنَّ الْمَقَايِيسَ تَتَعَارَضُ وَيُبْطِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ وَضِدُّهُ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ حَقًّا مَعًا ، وَلَيْسَ هَذَا مَكَانَ نَسْخٍ وَلَا تَخْصِيصٍ كَالْأَخْبَارِ الْمُتَعَارِضَةِ الَّتِي يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيُخَصِّصُ بَعْضُهَا بَعْضًا . وَإِنْ قَالَ : بَلْ مِنْهَا حَقٌّ وَمِنْهَا بَاطِلٌ قِيلَ لَهُ : فَعَرِّفْنَا بِمَاذَا يُعْرَفُ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ مِنَ الْفَاسِدِ ؟ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى وُجُودِ ذَلِكَ .
وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى تَصْحِيحِ الصَّحِيحِ مِنَ الْقِيَاسِ مِنَ الْبَاطِلِ مِنْهُ فَقَدْ بَطَلَ كُلُّهُ ، وَصَارَ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ .
فَإِنِ ادَّعَوْا أَنَّ الْقِيَاسَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، سُئِلُوا : أَيْنَ وَجَدُوا ذَلِكَ ؟ فَإِنْ قَالُوا : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ) ( 59 : 2 ) قِيلَ لَهُمْ : إِنَّ الِاعْتِبَارَ لَيْسَ هُوَ كَلَامَ الْعَرَبِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ إِلَّا التَّعَجُّبَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً )
[ ص: 129 ] أَيْ تَعَجُّبًا ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=111لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) ( 12 : 111 ) أَيْ عَجَبٌ . وَمِنَ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الِاعْتِبَارِ الْقِيَاسَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا : قِيسُوا ، ثُمَّ لَا يُبَيِّنُ لَنَا مَاذَا نَقِيسُ ؟ وَلَا كَيْفَ نَقِيسُ ؟ وَلَا عَلَى مَاذَا نَقِيسُ ؟ هَذَا مَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وِسْعِ أَحَدٍ أَنْ يَعْلَمَ شَيْئًا مِنَ الدِّينِ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) ( 2 : 286 ) .
فَإِنْ ذَكَرُوا أَحَادِيثَ وَآيَاتٍ فِيهَا تَشْبِيهُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ ، وَأَنَّ اللَّهَ قَضَى وَحَكَمَ بِأَمْرِ كَذَا مِنْ أَجْلِ أَمْرِ كَذَا ، قُلْنَا لَهُمْ : كُلُّ مَا قَالَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَهُو حَقٌّ ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ ، وَهُوَ نَصٌّ بِهِ نَقُولُ ، وَكَيْفَمَا تُرِيدُونَ أَنْتُمْ أَنْ تُشَبِّهُوهُ فِي الدِّينِ ، وَأَنْ تُعَلِّقُوهُ مِمَّا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا رَسُولُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِفْكٌ ، وَشَرْعٌ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ . وَهَذَا يُبْطِلُ عَلَيْهِمْ تَمْوِيهَهُمْ بِذِكْرِ آيَةِ جَزَاءِ الصَّيْدِ ، وَ " أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ " وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ( 5 : 32 ) وَكُلِّ آيَةٍ وَحَدِيثٍ مَوَّهُوا بِإِيرَادِهِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ، عَلَى مَا بَيَّنَاهُ فِي ( كِتَابِ الْإِحْكَامِ لِأُصُولِ الْأَحْكَامِ ) وَفِي ( كِتَابِ النُّكَتِ ) وَفِي ( كِتَابِ الدُّرَّةِ ) وَ ( كِتَابِ النَّبْذِ ) .
( قَالَ
عَلِيٌّ ) : وَقَدْ عَارَضْنَاهُمْ فِي كُلِّ قِيَاسٍ قَاسُوهُ بِقِيَاسٍ مِثْلِهِ أَوْ أَوْضَحَ مِنْهُ عَلَى أُصُولِهِمْ لِنُرِيَهُمْ فَسَادَ الْقِيَاسِ جُمْلَةً ، فَمَوَّهَ مِنْهُمْ مُمَوِّهُونَ . فَإِنْ قَالُوا : أَنْتُمْ دَابًا تُبْطِلُونَ الْقِيَاسَ بِالْقِيَاسِ ، وَهَذَا مِنْكُمْ رُجُوعٌ إِلَى الْقِيَاسِ وَاحْتِجَاجٌ بِهِ ، وَأَنْتُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْتَجِّ بِحُجَّةِ الْعَقْلِ لِيُبْطِلَ حُجَّةَ الْعَقْلِ ، وَبِدَلِيلٍ مِنَ النَّظَرِ لِيُبْطِلَ بِهِ النَّظَرَ .
( قَالَ
عَلِيٌّ ) فَقُلْنَا : هَذَا شَغَبٌ يَسْهُلُ إِفْسَادُهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، وَنَحْنُ لَمْ نَحْتَجَّ بِالْقِيَاسِ فِي إِبْطَالِ الْقِيَاسِ ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا ، لَكِنْ أَرَيْنَاكُمْ أَنَّ أَصْلَكُمُ الَّذِي أَتَيْتُمُوهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْقِيَاسِ يَشْهَدُ بِفَسَادِ قِيَاسَاتِكُمْ ، وَلَا قَوْلَ أَظْهَرَ بَاطِلًا مِنْ قَوْلٍ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ، وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى هَذَا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) ( 5 : 18 ) فَلَيْسَ هَذَا تَصْحِيحًا لِقَوْلِهِمْ : إِنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ، وَلَكِنْ إِلْزَامًا لَهُمْ مَا يَفْسُدُ بِهِ قَوْلُهُمْ . وَلَسْنَا فِي ذَلِكَ كَمَنْ ذَكَرْتُمْ مِمَّنْ يَحْتَجُّ فِي إِبْطَالِ حُجَّةِ الْعَقْلِ بِحُجَّةِ الْعَقْلِ; لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مُصَحِّحُ الْقَضِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا ، فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُ مِنْ قُرْبٍ ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ غَيْرُهَا ، فَقَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِهِ . وَأَمَّا نَحْنُ فَلَمْ نَحْتَجَّ قَطُّ فِي إِبْطَالِ الْقِيَاسِ بِقِيَاسٍ نُصَحِّحُهُ ، وَلَكِنَّا نُبْطِلُ الْقِيَاسَ بِالنُّصُوصِ وَبَرَاهِينِ الْعَقْلِ . ثُمَّ نُزِيدُ بَيَانًا فِي فَسَادِهِ مِنْهُ نَفْسِهِ بِأَنْ نَرَى تَنَاقُضَهُ جُمْلَةً فَقَطْ ، وَالْقِيَاسُ الَّذِي نُعَارِضُ بِهِ قِيَاسَكُمْ نَحْنُ نُقِرُّ بِفَسَادِهِ وَفَسَادِ قِيَاسِكُمُ الَّذِي
[ ص: 130 ] هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَضْعَفُ مِنْهُ ، كَمَا نَحْتَجُّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ مَقَالَةٍ مِنْ
مُعْتَزِلَةٍ ،
وَرَافِضَةٍ ،
وَمُرْجِئَةٍ ،
وَخَوَارِجَ ،
وَيَهُودٍ ،
وَنَصَارَى ،
وَدَهْرِيَّةٍ ، مِنْ أَقْوَالِهِمُ الَّتِي يَشْهَدُونَ بِصِحَّتِهَا ، فَنُرِيهِمْ فَسَادَهَا وَتَنَاقُضَهَا ، وَأَنْتُمْ تَحْتَجُّونَ عَلَيْهِمْ مَعَنَا بِذَلِكَ وَلَسْنَا نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ مِمَّنْ يُقِرُّ بِتِلْكَ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ مِنْهَا ، بَلْ هِيَ عِنْدَنَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ وَالْفَسَادِ كَاحْتِجَاجِنَا عَلَى
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ كُتُبِهِمُ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ وَنَحْنُ لَا نُصَحِّحُهَا ، بَلْ نَقُولُ : إِنَّهَا مُحَرَّفَةٌ مُبْدَلَةٌ ؛ لَكِنْ لِنُرِيَهُمْ تَنَاقُضَ أُصُولِهِمْ وَفُرُوعِهِمْ ، لَا سِيَّمَا وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ مُخْتَلِفُونَ فِي قِيَاسَاتِهِمْ ، لَا تَكَادُ تُوجَدُ مَسْأَلَةٌ إِلَّا وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَأْتِي بِقِيَاسٍ تَدَّعِي صِحَّتَهُ تُعَارِضُ بِهِ قِيَاسَ الْأُخْرَى .
وَهُمْ كُلُّهُمْ مُقِرُّونَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ قِيَاسٍ صَحِيحًا وَلَا كُلُّ رَأْيٍ حَقًّا ، فَقُلْنَا لَهُمْ : فَهَاتُوا حَدَّ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ وَالرَّأْيِ الصَّحِيحِ الَّذَيْنِ يَتَمَيَّزَانِ بِهِ مِنَ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ . وَهَاتُوا حَدَّ الْعِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا تَقِيسُونَ إِلَّا عَلَيْهَا مِنَ الْعِلَّةِ الْفَاسِدَةِ ، فَلَجْلَجُوا .
( قَالَ
عَلِيٌّ ) : وَهَذَا مَكَانُ إِنْ زَمَّ عَلَيْهِمْ فِيهِ ظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ جُمْلَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَى جَوَابٍ يُفْهَمُ سَبِيلٌ أَبَدًا ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
فَإِنْ أَتَوْا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِنَصٍّ قُلْنَا : النَّصُّ حَقٌّ ، وَالَّذِي تُرِيدُونَ أَنْتُمْ إِضَافَتَهُ إِلَى النَّصِّ بِآرَائِكُمْ بَاطِلٌ ، وَفِي هَذَا خُولِفْتُمْ ، وَهَكَذَا أَبَدًا .
فَإِنِ ادَّعَوْا أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ قِيلَ لَهُمْ : كَذَبْتُمْ ، بَلِ الْحَقُّ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى بُطْلَانِهِ . بُرْهَانُ كَذِبِهِمْ : أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى وُجُودِ حَدِيثٍ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِالْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ أَبَدًا ، إِلَّا فِي الرِّسَالَةِ الْمَكْذُوبَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ فِيهَا : " وَاعْرَفِ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ وَقِسِ الْأُمُورَ " وَهَذِهِ رِسَالَةٌ لَمْ يَرْوِهَا إِلَّا
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِيهِ ، وَهُوَ سَاقِطٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَأَبُوهُ أَسْقَطُ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي السُّقُوطِ ، فَكَيْفَ وَفِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ نَفْسِهَا أَشْيَاءُ خَالَفُوا فِيهَا
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ مِنْهَا قَوْلُهُ فِيهَا : " وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ " وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا ، يَعْنِي جَمِيعَ الْحَاضِرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ حَنْفِيَّهُمْ وَمَالِكِيَّهُمْ وَشَافِعِيَّهُمْ ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُ
عُمَرَ لَوْ صَحَّ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ فِي الْقِيَاسِ حُجَّةً ، فَقَوْلُهُ فِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ عُدُولٌ كُلَّهُمْ إِلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ حُجَّةٌ . فَلَيْسَ قَوْلُهُ فِي الْقِيَاسِ حُجَّةً لَوْ صَحَّ ، فَكَيْفَ وَلَمْ يَصِحَّ ؟
[ ص: 131 ] وَأَمَّا بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا فِي إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى إِبْطَالِ الْقِيَاسِ ، فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مُصَدِّقُونَ بِالْقُرْآنِ وَفِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ( 5 : 3 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) ( 4 : 59 ) فَمِنَ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَعْلَمُونَ هَذَا وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّونَ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِمَّا إِلَى قِيَاسٍ أَوْ رَأْيٍ . هَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ بِهِمْ ذُو عَقْلٍ .
فَكَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي أَوْ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي ، إِنْ قُلْتُ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِي ، أَوْ بِمَا لَا أَعْلَمُ " وَصَحَّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=2الْفَارُوقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ ، وَإِنَّ الرَّأْيَ مِنَّا هُوَ الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ " وَعَنْ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي فُتْيَا أَفْتَاهَا " إِنَّمَا كَانَ رَأْيًا رَأَيْتُهُ فَمَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ " وَعَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ " وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3753سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ " وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ " وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " سَأَقُولُ فِيهَا بِجُهْدِ رَأْيِي " . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي حَدِيثِ : " تَبْتَدِعُ كَلَامًا لَيْسَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ; فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ " فَعَلَى هَذَا النَّحْوِ هُوَ كُلُّ رَأْيٍ .
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا عَلَى أَنَّهُ إِلْزَامٌ وَلَا أَنَّهُ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُ إِشَارَةٌ بِعَفْوٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ تَوَرُّعٍ فَقَطْ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ . . . وَحَدِيثُ
مُعَاذٍ الَّذِي فِيهِ : " أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو " لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ إِلَّا
الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ
أَهْلِ حِمْصَ لَمْ يُسَمِّهِمْ عَنْ
مُعَاذٍ . وَقَدْ تَقَصَّيْنَا إِسْنَادَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا فِي كُتُبِنَا الْمَذْكُورَةِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ .
حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ ، نَا
ابْنُ قَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ ، نَا جَدِّي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، نَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=17211نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=16753عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15710جَرِيرِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُصَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919616تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَعْظَمُهَا فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ ، فَيُحِلُّونَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ " .
قَالَ
عَلِيٌّ : وَالشَّرِيعَةُ كُلُّهَا إِمَّا فَرْضٌ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ ، وَإِمَّا حَرَامٌ يَعْصِي مَنْ فَعَلَهُ ،
[ ص: 132 ] وَإِمَّا مُبَاحٌ لَا يَعْصِي مَنْ فَعَلَهُ وَلَا مَنْ تَرَكَهُ . وَهَذَا الْمُبَاحُ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : إِمَّا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ يُؤْجَرُ مَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ ، وَإِمَّا مَكْرُوهٌ يُؤْجَرُ مَنْ تَرَكَهُ وَلَا يَعْصِي مَنْ فَعَلَهُ ، وَإِمَّا مُطْلَقٌ لَا يُؤْجَرُ مَنْ فَعَلَهُ وَلَا مَنْ تَرَكَهُ ، وَلَا يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ وَلَا مَنْ فَعَلَهُ . وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ) ( 2 : 29 ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) ( 6 : 119 ) فَصَّحَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ حَلَالٌ إِلَّا مَا فُصِّلَ تَحْرِيمُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ . حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، نَا
أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، نَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، نَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، نَا
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=11997زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=14359الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16962مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919617أَيُّهَا النَّاسُ ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا . فَقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاثًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ، ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ " .
( قَالَ
عَلِيٌّ ) : فَجَمَعَ هَذَا الْحَدِيثُ جَمِيعَ أَحْكَامِ الدِّينِ أَوَّلِهَا عَنْ آخِرِهَا . فَفِيهِ أَنَّ مَا سَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَا نَهَى عَنْهُ فَهُوَ مُبَاحٌ وَلَيْسَ حَرَامًا وَلَا فَرْضًا ، وَأَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ فَهُوَ فَرْضٌ ، وَمَا نَهَى عَنْهُ فَهُوَ حَرَامٌ ، وَأَنَّ مَا أَمَرَنَا ( بِهِ ) فَإِنَّمَا يَلْزَمُنَا مِنْهُ مَا نَسْتَطِيعُ فَقَطْ ، وَأَنْ نَفْعَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً نُؤَدِّي مَا أَلْزَمَنَا ، وَلَا يَلْزَمُنَا تَكْرَارُهُ فَأَيُّ حَاجَةٍ بِأَحَدٍ إِلَى الْقِيَاسِ أَوْ رَأْيٍ مَعَ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ ، وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ : لَا يَجُوزُ إِبْطَالُ الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ إِلَّا حَتَّى تُوجِدُونَا تَحْرِيمَ الْقَوْلِ بِهِ نَصًّا فِي الْقُرْآنِ . قُلْنَا : قَدْ أَوَجَدْنَاكُمُ الْبُرْهَانَ نَصًّا بِذَلِكَ بِأَلَّا تَرُدُّوا التَّنَازُعَ إِلَّا إِلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَقَطْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ) ( 7 : 3 ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=74فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ( 16 : 74 ) وَالْقِيَاسُ ضَرْبُ أَمْثَالٍ فِي الدِّينِ لِلَّهِ تَعَالَى .
ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ : إِنْ عَارَضْتُمُ
الرَّوَافِضَ بِمِثْلِ هَذَا فَقَالُوا لَكُمْ : لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِإِبْطَالِ الْإِلْهَامِ ، وَلَا بِإِبْطَالِ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ ، إِلَّا حَتَّى تُوجِدُونَا تَحْرِيمَ ذَلِكَ نَصًّا . أَوْ قَالَ لَكُمْ ذَلِكَ أَهْلُ كُلِّ مَقَالَةٍ فِي تَقْلِيدِ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ ، بِمَاذَا تَتَفَصُّونَ ؟ بَلِ الْحَقُّ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُقَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى : إِنَّهُ حَرَّمَ أَوْ حَلَّلَ أَوْ أَوْجَبَ إِلَّا بِنَصٍّ فَقَطْ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ اهـ .