nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118nindex.php?page=treesubj&link=28974يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط
البطانة : مصدر يسمى به الواحد والجمع ، وبطانة الرجل : خاصته الذين يستبطنون أمره ، وأصله البطن الذي هو خلاف الظهر ، وبطن فلان بفلان يبطن بطونا وبطانة : إذا كان خالصا به ، ومنه قول الشاعر :
وهم خلصائي كلهم وبطانتي وهم عيبتي من دون كل قريب
قوله : من دونكم أي : من سواكم قاله
الفراء ; أي : من دون المسلمين وهم الكفار ; أي : بطانة كائنة من دونكم ، ويجوز أن يتعلق بقوله : لا تتخذوا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا يألونكم خبالا في محل نصب صفة البطانة ، يقال : لا ألوك جهدا ; أي : لا أقصر . قال
امرؤ القيس :
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آل
والمراد لا يقصرون فيما فيه الفساد عليكم ، وإنما عدي إلى مفعولين لكونه مضمنا معنى المنع ; أي : لا يمنعوكم خبالا ، والخبال والخبل : الفساد في الأفعال والأبدان والعقول .
قال
أوس :
أبني لبينى لستم بيد إلا يدا مخبولة العضد
أي فاسدة العضد . قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ودوا ما عنتم ما مصدرية ; أي : ودوا عنتكم ، والعنت المشقة وشدة الضرر .
والجملة مستأنفة مؤكدة للنهي . قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118قد بدت البغضاء هي شدة البغض كالضراء لشدة الضر .
والأفواه جمع فم . والمعنى : أنها قد ظهرت البغضاء في كلامهم لأنهم لما خامرهم من شدة البغض والحسد أظهرت ألسنتهم ما في صدورهم ، فتركوا التقية وصرحوا بالتكذيب .
أما
اليهود فالأمر في ذلك واضح . وأما المنافقون فكان يظهر من فلتات ألسنتهم ما يكشف عن خبث طويتهم .
وهذه الجملة مستأنفة لبيان حالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وما تخفي صدورهم أكبر لأن فلتات اللسان أقل مما تجنه الصدور ، بل تلك الفلتات بالنسبة إلى ما في الصدور قليلة جدا . ثم إنه سبحانه امتن عليهم ببيان الآيات الدالة على وجوب الإخلاص إن كانوا من أهل العقول المدركة لذلك البيان .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119ها أنتم أولاء جملة مصدرة بحرف التنبيه ; أي : أنتم أولاء الخاطئون في موالاتهم ، ثم بين خطأهم بتلك الموالاة بهذه الجملة التذييلية . فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119تحبونهم ولا يحبونكم ، وقيل : إن قوله : تحبونهم خبر ثان لقوله أنتم ، وقيل : إن أولاء موصول وتحبونهم صلته أي : تحبونهم لما أظهروا لكم الإيمان أو لما بينكم وبينهم من القرابة ولا يحبونكم لما قد استحكم في صدورهم من الغيظ والحسد .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وتؤمنون بالكتاب كله أي بجنس الكتاب جميعا . ومحل الجملة النصب على الحال ; أي : لا يحبونكم والحال أنكم مؤمنون بكتب الله سبحانه التي من
[ ص: 241 ] جملتها كتابهم ، فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بكتابكم .
وفيه توبيخ لهم شديد ; لأن من بيده الحق أحق بالصلابة والشدة ممن هو على الباطل .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وإذا لقوكم قالوا آمنا نفاقا وتقية
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ تأسفا وتحسرا ، حيث عجزوا عن الانتقام منكم .
والعرب تصف المغتاظ والنادم بعض الأنامل والبنان ، ثم أمره الله سبحانه بأن يدعو عليهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119قل موتوا بغيظكم وهو يتضمن استمرار غيظهم ما داموا في الحياة حتى يأتيهم الموت وهم عليه ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119إن الله عليم بذات الصدور فهو يعلم ما في صدوركم وصدورهم ، والمراد بذات الصدور : الخواطر القائمة بها ، وهو كلام داخل تحت قوله : قل فهو من جملة المقول .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إن تمسسكم حسنة تسؤهم هذه الجملة مستأنفة لبيان تناهي عداوتهم ، وحسنة وسيئة يعمان كل ما يحسن وما يسوء . وعبر بالمس في الحسنة وبالإصابة في السيئة ، للدلالة على أن مجرد مس الحسنة يحصل به المساءة ، ولا يفرحون إلا بإصابة السيئة ، وقيل : إن المس مستعار لمعنى الإصابة . ومعنى الآية : أن من كانت هذه حالته لم يكن أهلا لأن يتخذ بطانة وإن تصبروا على عداوتهم أو على التكاليف الشاقة وتتقوا موالاتهم ، أو ما حرمه الله عليكم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120لا يضركم كيدهم شيئا ، يقال : ضاره يضوره ويضيره ضيرا وضيورا : بمعنى ضره يضره ، وبه قرأ
نافع وابن كثير وأبو عمرو .
وقرأ الكوفيون
وابن عامر ( لا يضركم ) بضم الراء وتشديدها من ضر يضر ، فهو على القراءة الأولى مجزوم على أنه جواب الشرط ، وعلى القراءة الثانية مرفوع على تقدير إضمار الفاء كما في قول الشاعر :
من يفعل الحسنات الله يشكرها
قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : إنه مرفوع على نية التقديم ; أي : لا يضركم أن تصبروا . وحكى
أبو زيد عن
المفضل عن
عاصم ( لا يضركم ) بفتح الراء ، وشيئا صفة مصدر محذوف .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان رجال من
nindex.php?page=treesubj&link=32685_32682المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية ، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم لخوف الفتنة عليهم منهم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة الآية . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عنه قال : هم المنافقون .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
مجاهد نحوه . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : هم
الخوارج .
قال
السيوطي : وسنده جيد . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وتؤمنون بالكتاب كله أي : بكتابكم وبكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك ، وهم يكفرون بكتابكم ، فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
مقاتل nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إن تمسسكم حسنة يعني النصر على العدو والرزق والخير
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120تسؤهم وإن تصبكم سيئة يعني القتل والهزيمة والجهد .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118nindex.php?page=treesubj&link=28974يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
الْبِطَانَةُ : مَصْدَرٌ يُسَمَّى بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ ، وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ : خَاصَّتُهُ الَّذِينَ يَسْتَبْطِنُونَ أَمْرَهُ ، وَأَصْلُهُ الْبَطْنُ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّهْرِ ، وَبَطْنُ فُلَانٍ بِفُلَانٍ يُبْطِنُ بُطُونًا وَبِطَانَةً : إِذَا كَانَ خَالِصًا بِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَهُمْ خُلَصَائِي كُلُّهُمْ وَبِطَانَتِي وَهُمْ عَيْبَتِي مِنْ دُونِ كُلِّ قَرِيبِ
قَوْلُهُ : مِنْ دُونِكُمْ أَيْ : مِنْ سِوَاكُمْ قَالَهُ
الْفَرَّاءُ ; أَيْ : مِنْ دُونِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمُ الْكُفَّارُ ; أَيْ : بِطَانَةٌ كَائِنَةٌ مِنْ دُونِكُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ : لَا تَتَّخِذُوا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ صِفَةُ الْبِطَانَةِ ، يُقَالُ : لَا أَلُوكَ جَهْدًا ; أَيْ : لَا أُقَصِّرُ . قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
وَمَا الْمَرْءُ مَا دَامَتْ حَشَاشَةُ نَفْسِهِ بِمُدْرِكِ أَطْرَافِ الْخُطُوبِ وَلَا آلِ
وَالْمُرَادُ لَا يُقَصِّرُونَ فِيمَا فِيهِ الْفَسَادُ عَلَيْكُمْ ، وَإِنَّمَا عُدِّيَ إِلَى مَفْعُولَيْنِ لِكَوْنِهِ مُضَمِّنًا مَعْنَى الْمَنْعِ ; أَيْ : لَا يَمْنَعُوكُمْ خَبَالًا ، وَالْخَبَالُ وَالْخَبَلُ : الْفَسَادُ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَبْدَانِ وَالْعُقُولِ .
قَالَ
أَوْسُ :
أَبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُمْ بِيَدٍ إِلَّا يَدًا مَخْبُولَةَ الْعَضُدِ
أَيْ فَاسِدَةَ الْعَضُدِ . قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ مَا مَصْدَرِيَّةٌ ; أَيْ : وَدُّوا عَنَتَكُمْ ، وَالْعَنَتُ الْمَشَقَّةُ وَشِدَّةُ الضَّرَرِ .
وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلنَّهْيِ . قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ هِيَ شِدَّةُ الْبُغْضِ كَالضَّرَّاءِ لِشِدَّةِ الضُّرِّ .
وَالْأَفْوَاهُ جَمْعُ فَمٍ . وَالْمَعْنَى : أَنَّهَا قَدْ ظَهَرَتِ الْبَغْضَاءُ فِي كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا خَامَرَهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْبُغْضِ وَالْحَسَدِ أَظْهَرَتْ أَلْسِنَتُهُمْ مَا فِي صُدُورِهِمْ ، فَتَرَكُوا التَّقِيَّةَ وَصَرَّحُوا بِالتَّكْذِيبِ .
أَمَّا
الْيَهُودُ فَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاضِحٌ . وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَكَانَ يَظْهَرُ مِنْ فَلَتَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ مَا يَكْشِفُ عَنْ خُبْثِ طَوِيَّتِهِمْ .
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حَالِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ لِأَنَّ فَلَتَاتِ اللِّسَانِ أَقَلُّ مِمَّا تُجِنُّهُ الصُّدُورُ ، بَلْ تِلْكَ الْفَلَتَاتُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فِي الصُّدُورِ قَلِيلَةٌ جِدًّا . ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِبَيَانِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِخْلَاصِ إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ الْمُدْرِكَةِ لِذَلِكَ الْبَيَانِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ جُمْلَةٌ مُصَدَّرَةٌ بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ ; أَيْ : أَنْتُمْ أُولَاءِ الْخَاطِئُونَ فِي مُوَالَاتِهِمْ ، ثُمَّ بَيَّنَ خَطَأَهُمْ بِتِلْكَ الْمُوَالَاةِ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ التَّذْيِيلِيَّةِ . فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ، وَقِيلَ : إِنَّ قَوْلَهُ : تُحِبُّونَهُمْ خَبَرٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ أَنْتُمْ ، وَقِيلَ : إِنَّ أُولَاءِ مَوْصُولٌ وَتُحِبُّونَهُمْ صِلَتُهُ أَيْ : تُحِبُّونَهُمْ لِمَا أَظْهَرُوا لَكُمُ الْإِيمَانَ أَوْ لِمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ لِمَا قَدِ اسْتَحْكَمَ فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْغَيْظِ وَالْحَسَدِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ أَيْ بِجِنْسِ الْكِتَابِ جَمِيعًا . وَمَحَلُّ الْجُمْلَةِ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ ; أَيْ : لَا يُحِبُّونَكُمْ وَالْحَالُ أَنَّكُمْ مُؤْمِنُونَ بِكُتُبِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الَّتِي مِنْ
[ ص: 241 ] جُمْلَتِهَا كِتَابُهُمْ ، فَمَا بَالُكُمْ تُحِبُّونَهُمْ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِكِتَابِكُمْ .
وَفِيهِ تَوْبِيخٌ لَهُمْ شَدِيدٌ ; لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ الْحَقُّ أَحَقُّ بِالصَّلَابَةِ وَالشِّدَّةِ مِمَّنْ هُوَ عَلَى الْبَاطِلِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا نِفَاقًا وَتَقِيَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ تَأَسُّفًا وَتَحَسُّرًا ، حَيْثُ عَجَزُوا عَنِ الِانْتِقَامِ مِنْكُمْ .
وَالْعَرَبُ تَصِفُ الْمُغْتَاظَ وَالنَّادِمَ بِعَضِّ الْأَنَامِلِ وَالْبَنَانِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ اسْتِمْرَارَ غَيْظِهِمْ مَا دَامُوا فِي الْحَيَاةِ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ وَهُمْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ فَهُوَ يَعْلَمُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَصُدُورِهِمْ ، وَالْمُرَادُ بِذَاتِ الصُّدُورِ : الْخَوَاطِرُ الْقَائِمَةُ بِهَا ، وَهُوَ كَلَامٌ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ : قُلْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ تَنَاهِي عَدَاوَتِهِمْ ، وَحَسَنَةٌ وَسَيِّئَةٌ يَعُمَّانِ كُلَّ مَا يُحْسِنُ وَمَا يَسُوءُ . وَعَبَّرَ بِالْمَسِّ فِي الْحَسَنَةِ وَبِالْإِصَابَةِ فِي السَّيِّئَةِ ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدِ مَسِّ الْحَسَنَةِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَسَاءَةُ ، وَلَا يَفْرَحُونَ إِلَّا بِإِصَابَةِ السَّيِّئَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمَسَّ مُسْتَعَارٌ لِمَعْنَى الْإِصَابَةِ . وَمَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَتُهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِأَنْ يُتَّخَذَ بِطَانَةً وَإِنْ تَصْبِرُوا عَلَى عَدَاوَتِهِمْ أَوْ عَلَى التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ وَتَتَّقُوا مُوَالَاتِهِمْ ، أَوْ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ، يُقَالُ : ضَارَّهُ يَضُورُهُ وَيَضِيرُهُ ضَيْرًا وَضُيُورًا : بِمَعْنَى ضَرَّهُ يَضُرُّهُ ، وَبِهِ قَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو .
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ
وَابْنُ عَامِرٍ ( لَا يَضُرُّكُمْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا مِنْ ضَرَّ يَضُرُّ ، فَهُوَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأَوْلَى مَجْزُومٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ مَرْفُوعٌ عَلَى تَقْدِيرِ إِضْمَارِ الْفَاءِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا
قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : إِنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ ; أَيْ : لَا يَضُرُّكُمْ أَنْ تَصْبِرُوا . وَحَكَى
أَبُو زَيْدٍ عَنِ
الْمُفَضَّلِ عَنْ
عَاصِمٍ ( لَا يَضُرَّكُمْ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَشَيْئًا صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رِجَالٌ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=32685_32682الْمُسْلِمِينَ يُوَاصِلُونَ رِجَالًا مِنَ يَهُودَ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِوَارِ وَالْحِلْفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ يَنْهَاهُمْ عَنْ مُبَاطَنَتِهِمْ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً الْآيَةَ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ : هُمُ الْمُنَافِقُونَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هُمُ
الْخَوَارِجُ .
قَالَ
السُّيُوطِيُّ : وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ أَيْ : بِكِتَابِكُمْ وَبِكِتَابِهِمْ وَبِمَا مَضَى مِنَ الْكُتُبِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِكِتَابِكُمْ ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِالْبَغْضَاءِ لَهُمْ مِنْهُمْ لَكُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
مُقَاتِلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ يَعْنِي النَّصْرَ عَلَى الْعَدُوِّ وَالرِّزْقَ وَالْخَيْرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَعْنِي الْقَتْلَ وَالْهَزِيمَةَ وَالْجَهْدَ .