ذكر سبحانه من بعض ما خصهم به بعد ذكره لقبائح الكافرين فقال : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا 30 [ ص: 902 ] أي حبا في قلوب عباده يجعله لهم من دون أن يطلبوه بالأسباب التي توجب ذلك كما يقذف في قلوب أعدائهم الرعب ، والسين في سيجعل للدلالة على أن ذلك لم يكن من قبل وأنه مجعول من بعد نزول الآية . وقرئ ( ودا ) بكسر الواو ، والجمهور من السبعة وغيرهم على الضم . ثم ذكر سبحانه تعظيم القرآن خصوصا هذه السورة لاشتمالها على التوحيد والنبوة ، وبيان حال المعاندين فقال : فإنما يسرناه بلسانك أي يسرنا القرآن بإنزالنا له على لغتك ، وفصلناه وسهلناه ، والباء بمعنى على ، والفاء لتعليل كلام ينساق إليه النظم كأنه قيل : بلغ هذا المنزل أو بشر به أو أنذر فإنما يسرناه الآية . ثم علل ما ذكره من التيسير فقال : لتبشر به المتقين أي المتلبسين بالتقوى ، المتصفين بها وتنذر به قوما لدا اللد جمع الألد ، وهو الشديد الخصومة ، ومنه قوله تعالى : أحوال المؤمنين ألد الخصام [ البقرة : 204 ] قال الشاعر :
أبيت نجيا للهموم كأنني أخاصم أقواما ذوي جدل لدا
وقال أبو عبيدة : الألد الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل ، وقيل : اللد الصم ، وقيل : الظلمة .وكم أهلكنا قبلهم من قرن أي من أمة وجماعة من الناس ، وفي هذا وعد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهلاك الكافرين ووعيد لهم هل تحس منهم من أحد هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها : أي هل تشعر بأحد منهم أو تراه أو تسمع لهم ركزا الركز الصوت الخفي ، ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه في الأرض .
قال طرفة :
وصادفتها سمع التوجس للسرى لركز خفي أو لصوت مفند
إذا توجس ركزا مقفر ندس بنبأة الصوت ما في سمعه كذب