وقوله : سواء هو الوسط من كل شيء قاله أبو عبيدة ، ومنه قوله تعالى : في سواء الجحيم ومنه قول حسان يرثي النبي صلى الله عليه وسلم :
يا ويح أصحاب النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد
وقال الفراء : السواء : القصد ، أي ذهب عن قصد الطريق وسمته ، أي طريق طاعة الله .وقوله تعالى : ود كثير من أهل الكتاب فيه إخبار المسلمين بحرص اليهود على فتنتهم وردهم عن الإسلام والتشكيك عليهم في دينهم .
وقوله : لو يردونكم في محل نصب على أنه مفعول للفعل المذكور .
وقوله : من عند أنفسهم يحتمل أن يتعلق بقوله ود أي ودوا ذلك من عند أنفسهم ، ويحتمل أن يتعلق بقوله : حسدا أي حسدا ناشئا من عند أنفسهم ، وهو علة لقوله : ود .
والعفو : ترك المؤاخذة بالذنب .
والصفح : إزالة أثره من النفس ، صفحت عن فلان : إذا أعرضت عن ذنبه ، وقد ضربت عنه صفحا : إذا أعرضت عنه ، وفيه الترغيب في ذلك والإرشاد إليه ، وقد نسخ ذلك بالأمر بالقتال ، قاله أبو عبيدة .
وقوله : حتى يأتي الله بأمره هو غاية ما أمر الله سبحانه به من ، أي افعلوا ذلك إلى أن يأتي إليكم الأمر من الله سبحانه في شأنهم بما يختاره ويشاؤه ، وما قد قضى به في سابق علمه ، وهو قتل من قتل منهم ، وإجلاء من أجلي ، وضرب الجزية على من ضربت عليه ، وإسلام من أسلم . العفو والصفح
وقوله : وأقيموا الصلاة حث من الله سبحانه لهم على الاشتغال بما ينفعهم ويعود عليهم بالمصلحة ، من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وتقديم الخير الذي يثابون عليه حتى يمكن الله لهم وينصرهم على المخالفين لهم .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير عن وابن أبي حاتم أنه قال : ابن عباس قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد ائتنا بكتاب ينزل علينا من السماء نقرؤه أو فجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك ، فأنزل الله في ذلك أم تريدون أن تسألوا رسولكم إلى قوله سواء السبيل وكان حيي بن أخطب من أشد اليهود حسدا للعرب إذ خصهم الله برسوله ، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا ، فأنزل الله فيهما ود كثير من أهل الكتاب الآية .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم قال : السدي سألت العرب محمدا صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالله فيروه جهرة ، فنزلت هذه الآية .
وأخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم أبي العالية قال : قال رجل : لو كانت كفاراتنا كفارات بني إسرائيل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أعطاكم الله خير ، كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها ، فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا ، وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة ، وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك قال : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه الآية ، والصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ، فأنزل الله : أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم مجاهد قال : سألت قريش محمدا صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، فقال : نعم ، وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم ، فأبوا ورجعوا ، فأنزل الله أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل أن يريهم الله جهرة .
وأخرج عن ابن جرير أبي العالية في قوله : ومن يتبدل الكفر بالإيمان قال : يتبدل الشدة بالرخاء .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : السدي فقد ضل سواء السبيل قال : عدل عن السبيل .
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن قال : كعب بن مالك اليهود والمشركون من أهل المدينة يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى ، فأمر الله بالصبر على ذلك والعفو عنهم ، وأنزل الله كان ود كثير من أهل الكتاب وفي الصحيحين وغيرهما عن قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى ، قال الله تعالى : أسامة بن زيد ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وقال : ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم الآية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم بقتل ، فقتل الله به من قتل من صناديد قريش .
وأخرج عن ابن جرير في قوله : الربيع بن أنس من عند أنفسهم قال : من قبل أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق يقول : إن محمدا رسول الله .
وأخرج عبد بن حميد عن وابن جرير قتادة نحوه .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن في قوله : ابن عباس فاعفوا واصفحوا وقوله : وأعرض عن المشركين ونحو هذا في العفو عن المشركين قال : نسخ ذلك كله بقوله : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله [ ص: 86 ] الآية ، وقوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .
وأخرج عن ابن جرير نحوه . السدي
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : سعيد بن جبير وما تقدموا لأنفسكم من خير يعني من الأعمال من الخير في الدنيا .
وأخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم أبي العالية في قوله : تجدوه عند الله قال : تجدوا ثوابه .