قوله : وقالوا يا ويلنا أي : قال أولئك المبعوثون لما عاينوا البعث الذي كانوا يكذبون به في الدنيا : يا ويلنا ، دعوا بالويل على أنفسهم .
قال : الويل كلمة يقولها القائل وقت الهلكة ، وقال الزجاج الفراء : إن أصله يا وي لنا ، ووي بمعنى الحزن كأنه قال : يا حزن لنا .
قال النحاس : ولو كان كما قال لكان منفصلا ، وهو في المصحف متصل ، ولا نعلم أحدا يكتبه إلا متصلا ، وجملة هذا يوم الدين تعليل لدعائهم بالويل على أنفسهم ، و " الدين " الجزاء ، فكأنهم قالوا : هذا اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا من الكفر والتكذيب للرسل فأجاب عليهم الملائكة بقولهم : هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون ، ويجوز أن يكون هذا من قول بعضهم لبعض ، والفصل الحكم والقضاء ; لأنه يفصل فيه بين المحسن والمسيء .
وقوله : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم هو أمر من الله - سبحانه - للملائكة بأن يحشروا المشركين وأزواجهم ، وهم أشباههم في الشرك ، والمتابعون لهم في الكفر ، والمشايعون لهم في تكذيب الرسل ، كذا قال قتادة ، وأبو العالية .
وقال الحسن ومجاهد : المراد بأزواجهم نساؤهم المشركات الموافقات لهم على الكفر والظلم .
وقال الضحاك : أزواجهم قرناؤهم من الشياطين يحشر كل كافر مع شيطانه ، وبه قال مقاتل .
وما كانوا يعبدون من دون الله من الأصنام والشياطين ، وهذا العموم المستفاد من ما الموصولة ، فإنها عبارة عن المعبودين ، لا عن العابدين كما قيل : مخصوص ، لأن المسيح ، ومنهم من عبد الملائكة فيخرجون بقوله : من طوائف الكفار من عبد إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون [ الأنبياء : 101 ] ووجه حشر الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل هو زيادة التبكيت لعابديها وتخجيلهم وإظهار أنها لا تنفع ولا تضر فاهدوهم إلى صراط الجحيم أي : عرفوا هؤلاء [ ص: 1238 ] المحشورين طريق النار وسوقوهم إليها ، يقال : هديته الطريق وهديته إليها أي : دللته عليها ، وفي هذا تهكم بهم .
وقفوهم إنهم مسئولون أي : احبسوهم ، يقال : وقفت الدابة أقفها وقفا فوقفت هي وقوفا يتعدى ولا يتعدى ، وهذا الحبس لهم يكون قبل السوق إلى جهنم أي : وقفوهم للحساب ثم سوقوهم إلى النار بعد ذلك ، وجملة إنهم مسئولون تعليل للجملة الأولى .
قال الكلبي أي : مسئولون عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم .
وقال الضحاك : عن خطاياهم ، وقيل : عن لا إله إلا الله ، وقيل : عن ظلم العباد ، وقيل : عن ظلم العباد .
وقيل : هذا السؤال هو المذكور بعد هذا بقوله : ما لكم لا تناصرون أي : أي شيء لكم لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا ، وهذا توبيخ لهم وتقريع وتهكم بهم ، وأصله تتناصرون فطرحت إحدى التاءين تخفيفا .
قرأ الجمهور إنهم مسئولون بكسر الهمزة ، وقرأ عيسى بن عمر بفتحها .
قال أي : لأنهم أو بأنهم ، وقيل : الإشارة بقوله : الكسائي ما لكم لا تناصرون إلى قول أبي جهل يوم بدر نحن جميع منتصر [ القمر : 44 ] .
ثم أضرب - سبحانه - عما تقدم إلى بيان الحالة التي هم عليها هنالك فقال : بل هم اليوم مستسلمون أي : منقادون لعجزهم عن الحيلة . قال قتادة : مستسلمون في عذاب الله . وقال الأخفش : ملقون بأيديهم ، يقال : استسلم للشيء : إذا انقاد له وخضع .
وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون أي : أقبل بعض الكفار على بعض يتساءلون .
قيل : هم الأتباع والرؤساء يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ وتقريع ومخاصمة . وقال مجاهد : هو قول الكفار للشياطين . وقال قتادة : هو قول الإنس للجن . والأول أولى لقوله : قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أي : كنتم تأتوننا في الدنيا عن اليمين أي : من جهة الحق والدين والطاعة وتصدونا عنها .
قال : كنتم تأتوننا من قبل الدين ، فتروننا أن الدين والحق ما تضلوننا به ، واليمين عبارة عن الحق ، وهذا كقوله - تعالى - إخبارا عن إبليس الزجاج ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم [ الأعراف : 17 ] قال الواحدي : قال أهل المعاني : إن الرؤساء كانوا قد حلفوا لهؤلاء الأتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بأيمانهم ، فمعنى تأتوننا عن اليمين أي : من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها . قال : والمفسرون على القول الأول .
وقيل : المعنى : تأتوننا عن اليمين التي نحبها ونتفاءل بها لتغرونا بذلك عن جهة النصح ، والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين وتسميه السانح .
وقيل : اليمين بمعنى القوة أي : تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر كما في قوله : فراغ عليهم ضربا باليمين [ الصافات : 93 ] أي : بالقوة وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر .
وكذلك كجملة قالوا بل لم تكونوا مؤمنين فإنها مستأنفة جواب سؤال مقدر ، والمعنى : أنه قال الرؤساء أو الشياطين لهؤلاء القائلين : كنتم تأتوننا عن اليمين : بل لم تكونوا مؤمنين ولم نمنعكم من الإيمان .
والمعنى : إنكم لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم عن الإيمان إلى الكفر بل كنتم من الأصل على الكفر فأقمتم عليه .
وما كان لنا عليكم من سلطان من تسلط بقهر وغلبة حتى ندخلكم في الإيمان ونخرجكم من الكفر بل كنتم قوما طاغين أي : متجاوزين الحد في الكفر والضلال .
وقوله : فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون من قول المتبوعين أي : وجب علينا وعليكم ولزمنا قول ربنا ، يعنون قوله - تعالى - : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين [ ص : 85 ] ( إنا لذائقو العذاب ) أي : إنا جميعا لذائقو العذاب الذي ورد به الوعيد . قال أي : إن المضل والضال في النار . الزجاج
فأغويناكم أي : أضللناكم عن الهدى ، ودعوناكم إلى ما كنا فيه من الغي ، وزينا لكم ما كنتم عليه من الكفر إنا كنا غاوين فلا عتب علينا في تعرضنا لإغوائكم ، لأنا أردنا أن تكونوا أمثالنا في الغواية ، ومعنى الآية : أقدمنا على إغوائكم لأنا كنا موصوفين في أنفسنا بالغواية ، فأقروا هاهنا بأنهم تسببوا لإغوائهم ، لكن لا بطريق القهر والغلبة ، ونفوا عن أنفسهم فيما سبق أنهم قهروهم وغلبوهم ، فقالوا : وما كان لنا عليكم من سلطان .
ثم أخبر الله - سبحانه - عن الأتباع والمتبوعين بقوله : فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون كما كانوا مشتركين في الغواية .
إنا كذلك نفعل بالمجرمين أي : إنا نفعل مثل ذلك الفعل بالمجرمين أي : أهل الإجرام ، وهم المشركون .
كما يفيده قوله : إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون أي : إذا قيل : لهم قولوا لا إله إلا الله يستكبرون عن القبول ، ومحل ( يستكبرون ) النصب على أنه خبر كان ، أو الرفع على أنه خبر إن ، وكان ملغاة .
ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون يعنون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أي : لقول شاعر مجنون . فرد الله - سبحانه - عليهم بقوله : بل جاء بالحق يعني القرآن المشتمل على التوحيد والوعد والوعيد وصدق المرسلين أي : صدقهم فيما جاءوا به من التوحيد والوعيد وإثبات الدار الآخرة ولم يخالفهم ولا جاء بشيء لم تأت به الرسل قبله .
إنكم لذائقو العذاب الأليم أي : إنكم بسبب شرككم وتكذيبكم لذائقو العذاب الشديد الألم .
قرأ الجمهور لذائقو بحذف النون وخفض العذاب ، وقرأ عن أبان بن ثعلب عاصم وأبو السماك بحذفها ونصب العذاب ، وأنشد في مثل هذه القراءة بالحذف للنون والنصب للعذاب قول الشاعر : سيبويه
فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا
وأجاز أيضا " والمقيمي الصلاة " [ الحج : 35 ] بنصب الصلاة على هذا التوجيه . سيبويه
وقد قرئ بإثبات النون ونصب العذاب على الأصل .
ثم بين - سبحانه - أن ما ذاقوه من العذاب ليس إلا بسبب أعمالهم ، فقال : وما تجزون إلا ما كنتم تعملون أي : إلا جزاء ما كنتم تعملون من الكفر والمعاصي ، أو إلا بما كنتم تعملون .
ثم استثنى المؤمنين فقال : إلا عباد الله المخلصين قرأ أهل المدينة والكوفة [ ص: 1239 ] المخلصين بفتح اللام أي : الذين أخلصهم الله لطاعته وتوحيده .
وقرأ الباقون بكسرها أي : الذين أخلصوا لله العبادة والتوحيد ، والاستثناء إما متصل على تقدير تعميم الخطاب في ( تجزون ) لجميع المكلفين ، أو منقطع أي : لكن عباد الله المخلصين لا يذوقون العذاب .
والإشارة بقوله : أولئك إلى المخلصين ، وهو مبتدأ وخبره قوله : لهم رزق معلوم أي : لهؤلاء المخلصين رزق يرزقهم الله إياه معلوم في حسنه وطيبه وعدم انقطاعه .
قال قتادة : يعني الجنة ، وقيل : معلوم الوقت ، وهو أن يعطوا منه بكرة وعشية كما في قوله : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا [ مريم : 62 ] وقيل : هو المذكور في قوله بعده .
فواكه فإنه بدل من ( رزق ) أو خبر مبتدأ محذوف أي : هو فواكه ، وهذا هو الظاهر .
والفواكه جمع الفاكهة وهي الثمار كلها رطبها ويابسها ، وخصص الفواكه بالذكر ; لأن أرزاق أهل الجنة كلها فواكه كذا قيل .
والأولى أن يقال : إن تخصيصها بالذكر لأنها أطيب ما يأكلونه وألذ ما تشتهيه أنفسهم .
وقيل : إن الفواكه من أتباع سائر الأطعمة ، فذكرها يغني عن ذكر غيرها ، وجملة وهم مكرمون في محل نصب على الحال أي : ولهم من الله - عز وجل - إكرام عظيم برفع درجاتهم عنده وسماع كلامه ولقائه في الجنة قرأ الجمهور مكرمون بتخفيف الراء . وقرأ أبو مقسم بتشديدها .
وقوله في جنات النعيم يجوز أن يتعلق بـ ( مكرمون ) وأن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا .
وقوله : على سرر يحتمل أن يكون حالا ، وأن يكون خبرا ثالثا ، وانتصاب متقابلين على الحالية من الضمير في ( مكرمون ) ، أو من الضمير في متعلق : ( على سرر ) .
قال عكرمة ومجاهد : معنى التقابل أنه لا ينظر بعضهم في قفا بعض ، وقيل : إنها تدور بهم الأسرة كيف شاءوا فلا يرى بعضهم قفا بعض .
قرأ الجمهور ( سرر ) بضم الراء . وقرأ أبو السماك بفتحها ، وهي لغة بعض تميم .
ثم ذكر - سبحانه - صفة أخرى لهم فقال : يطاف عليهم بكأس من معين ويجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة جوابا عن سؤال مقدر ، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من ضمير ( متقابلين ) ، والكأس عند أهل اللغة اسم شامل لكل إناء فيه الشراب ، فإن كان فارغا فليس بكأس .
وقال الضحاك والسدي : كل كأس في القرآن فهي الخمر .
قال النحاس : وحكى من يوثق به من أهل اللغة أن العرب تقول للقدح إذا كان فيه خمر كأس ، فإذا لم يكن فيه خمر فهو قدح كما يقال : للخوان إذا كان عليه طعام مائدة ، فإذا لم يكن عليه طعام لم يقل له مائدة ، و ( من معين ) متعلق بمحذوف هو صفة ل ( كأس ) .
قال : ( بكأس من معين ) أي : من خمر تجري كما تجري العيون على وجه الأرض ، والمعين الماء الجاري . الزجاج
وقوله : بيضاء لذة للشاربين صفتان لكأس .
قال أي : ذات لذة فحذف المضاف ، ويجوز أن يكون الوصف بالمصدر لقصد المبالغة في كونها لذة فلا يحتاج إلى تقدير المضاف . الزجاج
قال الحسن : ، يقال : شراب لذ ولذيذ كما يقال : نبات غض وغضيض ، ومنه قول الشاعر : خمر الجنة أشد بياضا من اللبن له لذة لذيذة
بحديثها اللذ الذي لو كلمت أسد الفلاة به أتين سراعا
واللذيذ : كل شيء مستطاب ، وقيل : البيضاء : هي التي لم يعتصرها الرجال .
ثم وصف هذه الكأس من الخمر بغير ما يتصف به خمر الدنيا ، فقال : لا فيها غول أي : لا تغتال عقولهم فتذهب بها ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع ولا هم عنها ينزفون أي : يسكرون : يقال : نزف الشارب فهو منزوف ونزيف إذا سكر ، ومنه قول امرئ القيس :
وإذا هي تمشي كمشي النزي ف يصرعه بالكثيب البهر
وقال أيضا :
نزيف إذا قامت لوجه تمايلت
ومنه قول الآخر :
فلثمت فاها آخذا بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
قال الفراء : العرب تقول ليس فيها غيلة وغائلة وغول سواء .
وقال أبو عبيدة : الغول أن تغتال عقولهم ، وأنشد قول مطيع بن إياس :
وما زالت الكأس تغتالهم وتذهب بالأول الأول
وقال الواحدي : الغول حقيقته الإهلاك ، يقال : غاله غولا واغتاله أي : أهلكه ، والغول كل ما اغتالك أي : أهلكك .
قرأ الجمهور ينزفون بضم الياء وفتح الزاي : مبنيا للمفعول .
وقرأ حمزة بضم الياء وكسر الزاي : من أنزف الرجل : إذا ذهب عقله من السكر فهو نزيف ومنزوف ومنزف ، يقال : أحصد الزرع : إذا حان حصاده ، وأقطف الكرم : إذا حان قطافه . والكسائي
قال الفراء : من كسر الزاي فله معنيان ، يقال : أنزف الرجل : إذا فنيت خمره ، وأنزف : إذا ذهب عقله من السكر ، وتحمل هذه القراءة على معنى لا ينفد شرابهم لزيادة الفائدة .
قال النحاس : والقراءة الأولى أبين وأصح في المعنى ، لأن معنى ( لا ينزفون ) عند جمهور المفسرين : لا تذهب عقولهم ، فنفى الله - عز وجل - عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها من الصداع والسكر .
وقال الزجاج وأبو علي الفارسي معنى : " لا ينزفون " بكسر الزاي : لا يسكرون .
قال المهدوي : لا يكون معنى " ينزفون " يسكرون ، لأن قبله لا فيها غول أي : لا تغتال عقولهم فيكون تكريرا ، وهذا يقوي ما قاله قتادة : إن الغول وجع البطن وكذا روى عن ابن أبي نجيح مجاهد . وقال الحسن : إن الغول الصداع . وقال ابن كيسان : هو المغص ، فيكون معنى الآية : لا فيها نوع من أنواع الفساد المصاحبة لشرب الخمر في الدنيا من مغص أو وجع بطن أو صداع أو عربدة أو لغو أو تأثيم ولا هم يسكرون منها .
ويؤيد هذا أن أصل الغول الفساد الذي يلحق في خفاء ، يقال : اغتاله اغتيالا : إذا أفسد عليه أمره في خفية ، ومنه الغول والغيلة القتل خفية .
وقرأ ابن أبي إسحاق " ينزفون " بفتح الياء وكسر الزاي .
وقرأ بفتح الياء وضم الزاي . طلحة بن مصرف
ولما ذكر - سبحانه - صفة مشروبهم ذكر عقبه صفة منكوحهم فقال : [ ص: 1240 ] وعندهم قاصرات الطرف أي : نساء قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم ، والقصر معناه الحبس ، ومنه قول امرئ القيس :
من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الإتب منها لأثرا
والمحول الصغير من الذر ، والإتب القميص ، وقيل : القاصرات : المحبوسات على أزواجهن ، والأول أولى لأنه قال : ( قاصرات الطرف ) ، ولم يقل " مقصورات " .
والعين عظام العيون جمع عيناء وهي الواسعة العين .
قال : معنى عين كبار الأعين حسانها . وقال الزجاج مجاهد : العين حسان العيون .
وقال الحسن : هن الشديدات بياض العين الشديدات سوادها ، والأول أولى .
كأنهن بيض مكنون قال الحسن وأبو زيد : شبههن ببيض النعام تكمنها النعامة بالريش من الريح والغبار .
فلونه أبيض في صفرة ، وهو أحسن ألوان النساء .
وقال سعيد بن جبير والسدي : شبههن ببطن البيض قبل أن يقشر وتمسه الأيدي وبه قال ، ومنه قول ابن جرير امرئ القيس :
وبيضة خدر لا يرام خباؤها تمتعت من لهو بها غير معجل
قال : وتقول العرب إذا وصفت الشيء بالحسن والنظافة كأنه بيض النعام المغطى بالريش . المبرد
وقيل : المكنون : المصون عن الكسر أي : إنهن عذارى ، وقيل : المراد بالبيض اللؤلؤ كما في قوله : وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون [ الواقعة : 22 ، 23 ] ومثله قول الشاعر :
وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون
والأول أولى ، وإنما قال ( مكنون ) ولم يقل : مكنونات ، لأنه وصف البيض باعتبار اللفظ .
وقد أخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس احشروا الذين ظلموا وأزواجهم قال : تقول الملائكة للزبانية هذا القول .
وأخرج ، عبد الرزاق ، ، والفريابي ، وابن أبي شيبة وابن منيع في مسنده ، ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في البعث من طريق عن النعمان بن بشير في قوله : عمر بن الخطاب احشروا الذين ظلموا وأزواجهم قال : أمثالهم الذين هم مثلهم : يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا ، وأصحاب الزنى مع أصحاب الزنى ، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر ، أزواج في الجنة ، وأزواج في النار .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة وابن المنذر ، ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن في قوله : ابن عباس احشروا الذين ظلموا وأزواجهم قال : أشباههم ، وفي لفظ : نظراءهم .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، عنه في قوله : وابن أبي حاتم فاهدوهم إلى صراط الجحيم قال : وجهوهم وأخرج عنه أيضا في الآية قال : دلوهم ابن أبي حاتم إلى صراط الجحيم قال : طريق النار .
وأخرج عنه أيضا في قوله : وقفوهم إنهم مسئولون قال : احبسوهم إنهم محاسبون .
وأخرج في تاريخه البخاري ، والدارمي ، والترمذي ، وابن جرير وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لازما به لا يفارقه وإن دعا رجل رجلا ، ثم قرأ ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا معه يوم القيامة وقفوهم إنهم مسئولون وأخرج ابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم في قوله ابن عباس وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال : ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية .
وأخرج ، ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في قوله : كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون ، ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون لا يعقل ، قال : فحكى الله صدقه فقال : بل جاء بالحق وصدق المرسلين .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : أبي هريرة . أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله
وأنزل الله في كتابه وذكر قوما استكبروا ، فقال : إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ، وقال : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها [ الفتح : 26 ] وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على قضية المدة .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن في قوله : ابن عباس يطاف عليهم بكأس من معين قال : الخمر لا فيها غول قال ليس فيها صداع ولا هم عنها ينزفون قال : لا تذهب عقولهم .
وأخرج ، ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه قال : السكر والصداع والقيء والبول ، فنزه الله خمر الجنة عنها ، فقال : في الخمر أربع خصال لا فيها غول لا تغول عقولهم من السكر ولا هم عنها ينزفون قال : يقيئون عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها .
وأخرج عن ابن جرير ابن عباس لا فيها غول قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عنه أيضا في قوله : وعندهم قاصرات الطرف يقول : من غير أزواجهن كأنهن بيض مكنون قال : اللؤلؤ المكنون .
وأخرج ابن المنذر عنه في قوله : كأنهن بيض مكنون قال : بياض البيضة ينزع عنها فوفها وغشاؤها .