أم آتيناهم كتابا من قبله أم هي المنقطعة أي : بل أأعطيناهم كتابا من قبل القرآن بأن يعبدوا غير الله قوله : فهم به مستمسكون يأخذون بما فيه ويحتجون به ويجعلونه لهم دليلا ، ويحتمل أن تكون أم معادة لقوله أشهدوا فتكون متصلة ، والمعنى : أحضروا خلقهم أم آتيناهم كتابا إلخ .
وقيل : إن الضمير في من قبله يعود إلى ادعائهم أي : أم آتيناهم كتابا من قبل ادعائهم ينطق بصحة ما يدعونه ، والأول أولى .
ثم بين - سبحانه - أنه لا حجة بأيديهم ولا شبهة ، ولكنهم اتبعوا آباءهم في الضلالة فقال : بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون فاعترفوا بأنه لا مستند لهم سوى تقليد آبائهم ، ومعنى على أمة : على طريقة ومذهب . قال أبو عبيد : هي الطريقة والدين ، وبه قال قتادة وغيره . قال الجوهري : والأمة الطريقة والدين ، يقال : فلان لا أمة له أي : لا دين له ولا نحلة ، ومنه قول قيس بن الخطيم :
كنا على أمة آبائنا ونقتدي بالأول الأول
وقول الآخر :
وهل يستوي ذا أمة وكفور
وقال الفراء وقطرب : على قبلة . وقال الأخفش : على استقامة ، وأنشد قول النابغة :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
قرأ الجمهور أمة بضم الهمزة ، وقرأ مجاهد ، وقتادة بكسرها . وعمر بن عبد العزيز
قال الجوهري : والإمة [ ص: 1338 ] بالكسر : النعمة ، والإمة : أيضا لغة في الأمة ، ومنه قول : عدي بن زيد
ثم بعد الفلاح والملك والأم ة وارتهم هناك قبور
ثم أخبر - سبحانه - أن غير هؤلاء من الكفار قد سبقهم إلى هذه المقالة وقال بها فقال : وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون مترفوها : أغنياؤها ورؤساؤها ، قال قتادة : مقتدون متبعون ، ومعنى الاهتداء والاقتداء متقارب ، وخصص المترفين تنبيها على أن التنعم هو سبب إهمال النظر .
ثم أمر الله - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يرد عليهم ، فقال : قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم أي : أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم ، قال : المعنى قل لهم أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم وإن جئتكم بأهدى منه . الزجاج
قرأ الجمهور " قل أولو جئتكم " وقرأ ابن عامر وحفص قال أولو جئتكم وهو حكاية لما جرى بين المنذرين وقومهم أي : قال كل منذر من أولئك المنذرين لأمته ، وقيل : إن كلا القراءتين حكاية لما جرى بين الأنبياء وقومهم ، كأنه قال لكل نبي : قل ، بدليل قوله : قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون وهذا من أعظم الأدلة الدالة على بطلان التقليد وقبحه ، فإن هؤلاء المقلدة في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم ويتبعون آثارهم ويقتدون بهم ، فإذا رام الداعي إلى الحق أن يخرجهم من ضلالة أو يدفعهم عن بدعة قد تمسكوا بها وورثوها عن أسلافهم بغير دليل نير ولا حجة واضحة ، بل بمجرد قال وقيل : لشبهة داحضة وحجة زائفة ومقالة باطلة ، قالوا بما قاله المترفون من هذه الملل : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ، أو بما يلاقي معناه معنى ذلك ، فإن قال لهم الداعي إلى الحق : قد جمعتنا الملة الإسلامية وشملنا هذا الدين المحمدي ، ولم يتعبدنا الله ولا تعبدكم وتعبد آباءكم من قبلكم إلا بكتابه الذي أنزله على رسوله وبما صح عن رسوله ، فإنه المبين لكتاب الله ، الموضح لمعانيه ، الفارق بين محكمه ومتشابهه ، فتعالوا نرد ما تنازعنا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله كما أمرنا الله بذلك في كتابه بقوله : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول [ النساء : 59 ] فإن الرد إليهما أهدى لنا ولكم من الرد إلى ما قاله أسلافكم ودرج عليه آباؤكم ، نفروا نفور الوحوش ، ورموا الداعي لهم إلى ذلك بكل حجر ومدر ، كأنهم لم يسمعوا قول الله - سبحانه - : إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا [ النور : 51 ] ولا قوله : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [ النساء : 65 ] فإن قال لهم القائل : هذا العالم الذي تقتدون به وتتبعون أقواله هو مثلكم في كونه متعبدا بكتاب الله وسنة رسوله ، مطلوبا منه ما هو مطلوب منكم ، وإذا عمل برأيه عند عدم وجدانه للدليل ، فذلك رخصة له لا يحل أن يتبعه غيره عليها ، ولا يجوز له العمل بها ، وقد وجدوا الدليل الذي لم يجده ، وها أنا أوجدكموه في كتاب الله ، أو فيما صح من سنة رسوله ، وذلك أهدى لكم مما وجدتم عليه آباءكم ، قالوا : لا نعمل بهذا ولا سمع لك ولا طاعة ، ووجدوا في صدورهم أعظم الحرج من حكم الكتاب والسنة ، ولم يسلموا لذلك ولا أذعنوا له ، وقد وهب لهم الشيطان عصا يتوكئون عليها عند أن يسمعوا من يدعوهم إلى الكتاب والسنة ، وهي أنهم يقولون : إن إمامنا الذي قلدناه واقتدينا به أعلم منك بكتاب الله وسنة رسوله ، وذلك لأن أذهانهم قد تصورت من يقتدون به تصورا عظيما بسبب تقدم العصر وكثرة الأتباع ، وما علموا أن هذا منقوض عليهم مدفوع به في وجوههم ، فإنه لو قيل لهم : إن في التابعين من هو أعظم قدرا ، وأقدم عصرا من صاحبكم ، فإن كان لتقدم العصر وجلالة القدر مزية حتى توجب الاقتداء ، فتعالوا حتى أريكم من هو أقدم عصرا وأجل قدرا ، فإن أبيتم ذلك ، فها أنا أدلكم على من هو أعظم قدرا وأجل خطرا وأكثر أتباعا وأقدم عصرا ، وهو محمد بن عبد الله نبينا ونبيكم رسول الله إلينا وإليكم فتعالوا فهذه سنته موجودة في دفاتر الإسلام ودواوينه التي تلقتها جميع هذه الأمة قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر ، وهذا كتاب ربنا خالق الكل ورازق الكل وموجد الكل بين أظهرنا ، موجود في كل بيت ، وبيد كل مسلم لم يلحقه تغيير ولا تبديل ولا زيادة ولا نقص ولا تحريف ولا تصحيف ، ونحن وأنتم ممن يفهم ألفاظه ويتعقل معانيه ، فتعالوا لنأخذ الحق من معدنه ونشرب صفو الماء من منبعه ، فهو أهدى مما وجدتم عليه آباءكم ، قالوا : لا سمع ولا طاعة ، إما بلسان المقال أو بلسان الحال ، فتدبر هذا وتأمله إن بقي فيك بقية من إنصاف وشعبة من خير ومزعة من حياء وحصة من دين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقد أوضحت هذا غاية الإيضاح في كتابي الذي سميته " أدب الطلب ومنتهى الأرب " فارجع إليه إن رمت أن تنجلي عنك ظلمات التعصب وتنقشع لك سحائب التقليد .
فانتقمنا منهم وذلك الانتقام ما أوقعه الله بقوم نوح وعاد وثمود فانظر كيف كان عاقبة المكذبين من تلك الأمم ، فإن آثارهم موجودة .
وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه أي : واذكر لهم وقت قوله لأبيه وقومه الذين قلدوا آباءهم وعبدوا الأصنام إنني براء مما تعبدون البراء مصدر نعت به للمبالغة ، وهو يستعمل للواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث . قال الجوهري : وتبرأت من كذا وأنا منه براء وخلاء ، لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر في الأصل .
ثم استثنى خالقه من البراءة فقال : إلا الذي فطرني أي : خلقني فإنه سيهدين سيرشدني لدينه ويثبتني على الحق ، والاستثناء إما منقطع أي : لكن الذي فطرني ، أو متصل من عموم ما ، لأنهم كانوا يعبدون الله [ ص: 1339 ] والأصنام ، وإخباره بأنه سيهديه جزما لثقته بالله - سبحانه - وقوة يقينه .
وجعلها كلمة باقية في عقبه الضمير في جعلها عائد إلى قوله : إلا الذي فطرني وهي بمعنى التوحيد كأنه قال : وجعل كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم وهم ذريته ، فلا يزال فيهم من يوحد الله - سبحانه - وفاعل جعلها إبراهيم ، وذلك حيث وصاهم بالتوحيد وأمرهم بأن يدينوا به كما في قوله : ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب [ البقرة : 132 ] الآية ، وقيل : الفاعل هو الله - عز وجل - أي : وجعل الله - عز وجل - كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم ، والعقب : من بعد .
قال مجاهد ، وقتادة : الكلمة لا إله إلا الله لا يزال من عقبه من يعبد الله إلى يوم القيامة . وقال عكرمة : هي الإسلام . قال ابن زيد : الكلمة هي قوله : أسلمت لرب العالمين [ البقرة : 131 ] وجملة لعلهم يرجعون تعليل للجعل أي : جعلها باقية رجاء أن يرجع إليها من يشرك منهم بدعاء من يوحد .
وقيل : الضمير في لعلهم راجع إلى أهل مكة أي : لعل أهل مكة يرجعون إلى دينك الذي هو دين إبراهيم .
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : فإنه سيهدين لعلهم يرجعون وجعلها إلخ . قال : لعلهم يتوبون . فيرجعون عما هم عليه إلى عبادة الله . السدي
ثم ذكر - سبحانه - نعمته على قريش ومن وافقهم من الكفار المعاصرين لهم فقال : بل متعت هؤلاء وآباءهم أضرب عن الكلام الأول إلى ذكر ما متعهم به من الأنفس والأهل والأموال وأنواع النعم وما متع به آباءهم ولم يعاجلهم بالعقوبة ، فاغتروا بالمهلة وأكبوا على الشهوات حتى جاءهم الحق يعني القرآن ورسول مبين يعني محمدا - صلى الله عليه وآله وسلم - .
ومعنى مبين ظاهر الرسالة واضحها ، أو مبين لهم ما يحتاجون إليه من أمر الدين فلم يجيبوه ولم يعملوا بما أنزل عليه .
ثم بين - سبحانه - ما صنعوه عند مجيء الحق فقال : ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون أي : جاحدون ، فسموا القرآن سحرا وجحدوه . واستحقروا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .
وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم المراد بالقريتين مكة والطائف ، وبالرجلين الوليد بن المغيرة من مكة ، وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف كذا قال قتادة وغيره . وقال مجاهد وغيره : عتبة بن ربيعة من مكة ، وعمير بن عبد ياليل الثقفي من الطائف . وقيل : غير ذلك .
وظاهر النظم أن المراد رجل من إحدى القريتين عظيم الجاه واسع المال مسود في قومه والمعنى : أنه لو كان قرآنا لنزل على رجل عظيم من عظماء القريتين .
فأجاب الله - سبحانه - عنهم بقوله : أهم يقسمون رحمة ربك يعني النبوة أو ما هو أعم منها ، والاستفهام للإنكار .
ثم بين أنه - سبحانه - هو الذي قسم بينهم ما يعيشون به من أمور الدنيا فقال : نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ولم نفوض ذلك إليهم ، وليس لأحد من العباد أن يتحكم في شيء بل الحكم لله وحده ، وإذا كان الله - سبحانه - هو الذي قسم بينهم أرزاقهم ورفع درجات بعضهم على بعض فكيف لا يقنعون بقسمته في أمر النبوة وتفويضها إلى من يشاء من خلقه .
قال مقاتل : يقول أبأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاءوا .
قرأ الجمهور معيشتهم بالإفراد ، وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن " معايشهم " بالجمع ، ومعنى ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات أنه فاضل بينهم فجعل بعضهم أفضل من بعض في الدنيا بالرزق والرياسة والقوة والحرية والعقل والعلم ، ثم ذكر العلة لرفع درجات بعضهم على بعض ، فقال : ليتخذ بعضهم بعضا سخريا أي : ليستخدم بعضهم بعضا فيستخدم الغني الفقير ، والرئيس المرءوس ، والقوي الضعيف ، والحر العبد ، والعاقل من هو دونه من العقل ، والعالم الجاهل ، وهذا في غالب أحوال أهل الدنيا ، وبه تتم مصالحهم ، وينتظم معاشهم ويصل كل واحد منهم إلى مطلوبه ، فإن كل صناعة دنيوية يحسنها قوم دون آخرين ، فجعل البعض محتاجا إلى البعض لتحصل المواساة بينهم في متاع الدنيا ، ويحتاج هذا إلى هذا ، ويصنع هذا هذا ، ويعطي هذا لهذا .
قال السدي وابن زيد : سخرنا خولنا وخدما يسخر الأغنياء الفقراء فيكون بعضهم سببا لمعاش بعض . وقال قتادة ، والضحاك : ليملك بعضهم بعضا ، وقيل : هو السخرية التي بمعنى الاستهزاء ، وهذا وإن كان مطابقا للمعنى اللغوي ، ولكنه بعيد من معنى القرآن ومناف لما هو مقصود السياق ورحمة ربك خير مما يجمعون يعني بالرحمة ما أعده الله لعباده الصالحين في الدار الآخرة ، وقيل : هي النبوة لأنها المراد بالرحمة المتقدمة في قوله : أهم يقسمون رحمة ربك ولا مانع من أن يراد كل ما يطلق عليه اسم الرحمة إما شمولا أو بدلا ، ومعنى مما يجمعون : ما يجمعونه من الأموال وسائر متاع الدنيا .
ثم بين - سبحانه - حقارة الدنيا عنده فقال : ولولا أن يكون الناس أمة واحدة أي : لولا أن يجتمعوا على الكفر ميلا إلى الدنيا وزخرفها لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة جمع الضمير في بيوتهم وأفرده في يكفر باعتبار معنى من ولفظها ، ولبيوتهم بدل اشتمال من الموصول ، والسقف جمع سقف . قرأ الجمهور بضم السين والقاف كرهن ورهن . قال أبو عبيدة : ولا ثالث لهما . وقال الفراء : هو جمع سقيف نحو كثيب وكثب ورغيف ورغف ، وقيل : هو جمع سقوف فيكون جمعا للجمع . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح السين وإسكان القاف على الإفراد ومعناه الجمع لكونه للجنس .
قال الحسن : معنى الآية : لولا أن يكفر الناس جميعا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطيناهم في الدنيا ما وصفناه وقال بهذا أكثر المفسرين . لهوان الدنيا عند الله
وقال ابن زيد : لولا أن يكون الناس أمة واحدة في طلب الدنيا واختيارهم لها على الآخرة .
وقال : المعنى لولا أن يكون في الكفار غني وفقير ، وفي المسلمين مثل ذلك لأعطينا الكفار من الدنيا هذا لهوانها الكسائي ومعارج عليها يظهرون [ ص: 1340 ] المعارج : الدرج جمع معراج ، والمعراج السلم .
قال الأخفش : إن شئت جعلت الواحدة معرجا ومعرجا مثل مرقاة ومرقاة ، والمعنى : فجعلنا لهم معارج من فضة عليها يظهرون ، أي : على المعارج يرتقون ويصعدون ، يقال : ظهرت على البيت أي : علوت سطحه ، ومنه قول النابغة :
بلغنا السماء مجدا وفخرا وسوددا وإنا لنرجوا فوق ذلك مظهرا
أي : مصعدا .
ولبيوتهم أبوابا وسررا أي : وجعلنا لبيوتهم أبوابا من فضة وسررا من فضة عليها يتكئون أي : على السرر وهو جمع سرير ، وقيل : جمع أسرة فيكون جمعا للجمع ، والاتكاء والتوكؤ : التحامل على الشيء ، ومنه أتوكأ عليها [ طه : 18 ] واتكأ على الشيء ، فهو متكئ ، والموضع متكأ ، والزخرف : الذهب . وقيل : الزينة أعم من أن تكون ذهبا أو غيره . قال ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث . وقال الحسن : النقوش وأصله الزينة ، يقال : زخرفت الدار أي : زينتها .
وانتصاب زخرفا بفعل مقدر أي : وجعلنا لهم مع ذلك زخرفا ، أو بنزع الخافض أي : أبوابا وسررا من فضة ومن ذهب ، فلما حذف الخافض انتصب .
ثم أخبر - سبحانه - أن جميع ذلك إنما يتمتع به في الدنيا فقال : وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا قرأ الجمهور لما بالتخفيف وقرأ عاصم ، وحمزة وهشام عن ابن عامر بالتشديد . فعلى القراءة الأولى تكون إن هي المخففة من الثقيلة ، وعلى القراءة الثانية هي النافية ولما بمعنى إلا أي : ما كل ذلك إلا شيء يتمتع به في الدنيا .
وقرأ أبو رجاء بكسر اللام من " لما " على أن اللام للعلة وما موصولة والعائد محذوف : أي : للذي هو متاع والآخرة عند ربك للمتقين أي : لمن اتقى الشرك والمعاصي وآمن بالله وحده وعمل بطاعته ، فإنها الباقية التي لا تفنى ، ونعيمها الدائم الذي لا يزول .
وقد أخرج عن ابن جرير ابن عباس إنا وجدنا آباءنا على أمة قال : على دين .
وأخرج عنه عبد بن حميد وجعلها كلمة باقية قال : لا إله إلا الله في عقبه قال : عقب إبراهيم ولده .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر ، وابن مردويه عنه أيضا أنه سئل عن قول الله لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ما القريتان ؟ قال : الطائف ومكة ، قيل : فمن الرجلان ؟ قال : عمير بن مسعود ، وخيار قريش .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضا قال : يعني بالقريتين مكة والطائف ، والعظيم : الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي .
وأخرج عنه أيضا في الآية قال : يعنون أشرف من ابن أبي حاتم محمد للوليد بن المغيرة من أهل مكة ومسعود بن عمرو الثقفي من أهل الطائف .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، عنه أيضا في قوله : وابن أبي حاتم ولولا أن يكون الناس أمة واحدة الآية يقول : لولا أن نفعل الناس كلهم كفارا لجعلت لبيوت الكفار سقفا من فضة ، ومعارج من فضة ، وهي درج عليها يصعدون إلى الغرف وسرر فضة ، و زخرفا وهو : الذهب .
وأخرج الترمذي وصححه عن وابن ماجه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : سهل بن سعد . لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء