الأمر الثامن : قال أبو عبيد في كتاب " فضائل القرآن " : إن تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها ; وذلك كقراءة القصد من القراءة الشاذة عائشة : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر ) ( البقرة : 238 ) . وحفصة
وكقراءة ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما ) ( المائدة : 38 ) . ابن مسعود
ومثل قراءة أبي : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فيهن ) ( البقرة : 226 ) .
وكقراءة : ( وإن كان له أخ أو أخت من أمه فلكل ) ( النساء : 12 ) . سعد بن أبي وقاص
وكما قرأ : ( لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) ( البقرة : 198 ) . ابن عباس
قلت : وكذا قراءته ( وأيقن أنه الفراق ) ( القيامة : 28 ) ، وقال : ذهب الظن ، قال أبو الفتح : " يريد أنه ذهب اللفظ الذي يصلح للشك ; وجاء اللفظ الذي هو مصرح باليقين " . انتهى .
وكقراءة جابر : ( فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم ) ( النور : 33 ) .
[ ص: 487 ] فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن ، وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك ، فكيف إذا روي عن كبار الصحابة ، ثم صار في نفس القراءة ؟ فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى ، فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل ، على أنها من العلم الذي لا يعرف العامة فضله ، إنما يعرف ذلك العلماء ، ولذلك يعتبر بهما وجه القرآن ; كقراءة من قرأ : ( يقص الحق ) ( الأنعام : 57 ) ، فلما وجدتها في قراءة عبد الله : ( يقضي الحق ) علمت أنها إنما هي : يقضي فقرأتها على ما في المصحف ، واعتبرت صحتها بتلك القراءة ، وكذلك قراءة من قرأ : ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) ( النمل : 82 ) ثم لما وجدتها في قراءة أبي " تنبئهم " علمت أن وجه القراءة ( تكلمهم ) في أشباه من هذا كثيرة .