تنبيه
اختلف الأصوليون في أن
nindex.php?page=treesubj&link=21281حمل المطلق على المقيد ; هل هو من وضع اللغة أو بالقياس ، على مذهبين ; فالأولون يقولون : إن العرب من مذهبها استحباب الإطلاق اكتفاء بالمقيد وطلبا للإيجاز والاختصار ; وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=17عن اليمين وعن الشمال قعيد ( ق : 17 ) والمراد ( عن اليمين قعيد ) ; ولكن حذف لدلالة الثاني عليه .
وزعم بعضهم أن القرآن كالآية الواحدة ; لأن كلام الله تعالى واحد ; فلا بعد أن يكون المطلق كالمقيد .
قال إمام الحرمين : وهذا غلط ; لأن الموصوف بالاتحاد الصفة القديمة المختصة بالذات ، وأما هذه الألفاظ والعبارات فمحسوس تعددها ، وفيها الشيء ونقيضه ; كالإثبات والنفي ، والأمر والنهي ، إلى غير ذلك من أنواع النقائض التي لا يوصف الكلام القديم بأنه عليها .
والثاني : كإطلاق صوم الأيام في كفارة اليمين ، وقيدت بالتتابع في كفارة الظهار
[ ص: 142 ] والقتل ، وبالتفريق في صوم التمتع ، فلما تجاذبت الأصل تركناه على إطلاقه .
هذا كله إذا كان الحكمان بمعنى واحد ; وإنما اختلفا في الإطلاق والتقييد ; فأما إذا حكم في شيء بأمور لم يحكم في شيء آخر ينقض تلك الأمور وسكت فيه عن بعضها ، فلا يقتضي الإلحاق ; كالأمر بغسل الأعضاء الأربعة في الوضوء ، وذكر في التيمم عضوين ، فلم يكن في الأمر بمسح الرأس وغسل الرجلين في الوضوء دليل على مسحهما بالتراب في التيمم .
ومن ذلك ذكر العتق والصوم والطعام في كفارة الظهار ، ولم يذكر الإطعام في كفارة القتل ; فلم يجمع بينهما في إبدال الطعام عن الصيام .
وقريب من هذا قول السلف في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهات نسائكم وربائبكم ( النساء : 23 ) أن اللام مبهمة ، وعنوا بذلك أن الشرط في الربائب خاصة .
تَنْبِيهٌ
اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21281حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ; هَلْ هُوَ مَنْ وَضْعِ اللُّغَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ ، عَلَى مَذْهَبَيْنِ ; فَالْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ : إِنَّ الْعَرَبَ مِنْ مَذْهَبِهَا اسْتِحْبَابُ الْإِطْلَاقِ اكْتِفَاءً بِالْمُقَيَّدِ وَطَلَبًا لِلْإِيجَازِ وَالِاخْتِصَارِ ; وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=17عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ( ق : 17 ) وَالْمُرَادُ ( عَنِ الْيَمِينِ قَعِيدٌ ) ; وَلَكِنْ حُذِفَ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ .
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَالْآيَةِ الْوَاحِدَةِ ; لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ ; فَلَا بُعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمُطْلَقُ كَالْمُقَيَّدِ .
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَهَذَا غَلَطٌ ; لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالِاتِّحَادِ الصِّفَةُ الْقَدِيمَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالذَّاتِ ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَلْفَاظُ وَالْعِبَارَاتُ فَمَحْسُوسٌ تَعَدُّدُهَا ، وَفِيهَا الشَّيْءُ وَنَقِيضُهُ ; كَالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ النَّقَائِضِ الَّتِي لَا يُوصَفُ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ بِأَنَّهُ عَلَيْهَا .
وَالثَّانِي : كَإِطْلَاقِ صَوْمِ الْأَيَّامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ، وَقُيِّدَتْ بِالتَّتَابُعِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
[ ص: 142 ] وَالْقَتْلِ ، وَبِالتَّفْرِيقِ فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ ، فَلَمَّا تَجَاذَبَتِ الْأَصْلَ تَرَكْنَاهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ .
هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْحُكْمَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ; وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ ; فَأَمَّا إِذَا حُكِمَ فِي شَيْءٍ بِأُمُورٍ لَمْ يُحْكَمْ فِي شَيْءٍ آخَرَ يَنْقُضُ تِلْكَ الْأُمُورَ وَسُكِتَ فِيهِ عَنْ بَعْضِهَا ، فَلَا يَقْتَضِي الْإِلْحَاقَ ; كَالْأَمْرِ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْوُضُوءِ ، وَذَكَرَ فِي التَّيَمُّمِ عُضْوَيْنِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَمْرِ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ دَلِيلٌ عَلَى مَسْحِهِمَا بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ .
وَمِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ وَالطَّعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْإِطْعَامَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ ; فَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي إِبْدَالِ الطَّعَامِ عَنِ الصِّيَامِ .
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ( النِّسَاءِ : 23 ) أَنَّ اللَّامَ مُبْهَمَةٌ ، وَعَنَوْا بِذَلِكَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الرَّبَائِبِ خَاصَّةً .