فائدة
قيل في ما ننسخ من آية ( البقرة : 106 ) ولم يقل ( من القرآن ) لأن القرآن ناسخ مهيمن على كل الكتب ، وليس يأتي بعده ناسخ له ، وما فيه من ناسخ ومنسوخ فمعلوم وهو قليل ; بين الله ناسخه عند منسوخه ، كنسخ الصدقة عند مناجاة الرسول ، والعدة والفرار في الجهاد ونحوه ; وأما غير ذلك فمن تحقق علما بالنسخ علم أن غالب ذلك من المنسأ ، ومنه ما يرجع لبيان الحكم المجمل ، كالسبيل في حق الآتية بالفاحشة ، فبينته السنة ، وكل ما في القرآن مما يدعى نسخه بالسنة عند من يراه فهو بيان لحكم القرآن ، وقال سبحانه : قوله تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ( النحل : 44 ) [ ص: 175 ] وأما بالقرآن على ما ظنه كثير من المفسرين فليس بنسخ ; وإنما هو نسأ وتأخير ، أو مجمل أخر بيانه لوقت الحاجة ، أو خطاب قد حال بينه وبين أوله خطاب غيره ، أو مخصوص من عموم ، أو حكم عام لخاص ، أو لمداخلة معنى في معنى ، وأنواع الخطاب كثيرة فظنوا ذلك نسخا وليس به ، وأنه الكتاب المهيمن على غيره ، وهو في نفسه متعاضد ، وقد تولى الله حفظه ، فقال تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( الحجر : 9 ) .