فصل  
وقد سبق لنا في باب الإعجاز أن  إعجاز القرآن لاشتماله على تفرد الألفاظ   التي يتركب منها الكلام ، مع ما تضمنه من المعاني ، مع ملاءمته التي هي نظوم تأليفه .  
 [ ص: 315 ] فأما الأول : وهو معرفة الألفاظ ، فهو أمر نقلي يؤخذ عن أرباب التفسير ، ولهذا  كان   عمر بن الخطاب     - رضي الله عنه - يقرأ قوله تعالى :  وفاكهة وأبا      ( عبس : 31 ) فلا يعرفه ، فيراجع نفسه ويقول : ما الأب ؟ ويقول : إن هذا منك تكلف     .  وكان   ابن عباس     - وهو ترجمان القرآن - يقول : لا أعرف  وحنانا      ( مريم : 13 ) ، ولا  غسلين      ( الحاقة : 36 ) ، ولا  والرقيم      ( الكهف : 9 )     .  
وأما المعاني التي تحتملها الألفاظ ، فالأمر في معاناتها أشد ؛ لأنها نتائج العقول .  
وأما رسوم النظم فالحاجة إلى الثقافة والحذق فيها أكثر ؛ لأنها لجام الألفاظ وزمام المعاني ، وبه يتصل أجزاء الكلام ، ويتسم بعضه ببعض ، فتقوم له صورة في النفس يتشكل بها البيان ، فليس المفرد بذرب اللسان وطلاقته كافيا لهذا الشأن ، ولا كل من أوتي خطاب بديهة ناهضا بحمله ما لم يجمع إليها سائر الشروط .  
				
						
						
