nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29568تأنيث المذكر
كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=11الذين يرثون الفردوس هم فيها ( المؤمنون : 11 ) فأنث ( الفردوس ) وهو مذكر ؛ حملا على معنى الجنة .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=160من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ( الأنعام : 160 ) فأنث " عشر " حيث جردت من الهاء مع إضافته إلى الأمثال ، وواحدها مذكر وفيه أوجه :
أحدها : أنث لإضافة الأمثال إلى مؤنث ؛ وهو ضمير الحسنات ، والمضاف يكتسب أحكام المضاف إليه ، فتكون كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=10يلتقطه بعض السيارة ( يوسف : 10 ) .
والثاني : هو من باب مراعاة المعنى ؛ لأن الأمثال في المعنى مؤنثة ؛ لأن مثل الحسنة حسنة لا محالة ، فلما أريد توكيد الإحسان إلى المطيع ، وأنه لا يضيع شيء من عمله ، كأن الحسنة المنتظرة واقعة ، جعل التأنيث في أمثالها منبهة على ذلك الوضع ، وإشارة إليه ، كما جعلت الهاء في قولهم : راوية وعلامة ؛ تنبيها على المعنى المؤنث المراد في أنفسهم ،
[ ص: 426 ] وهو الغاية والنهاية ، ولذلك أنث المثل هنا توكيدا لتصوير الحسنة في نفس المطيع ؛ ليكون ذلك أدعى له إلى الطاعة ، حتى كأنه قال : " فله عشر حسنات أمثالها " حذف ، وأقيمت صفته مقامه ، وروعي ذلك المحذوف الذي هو المضاف إليه ، كما يراعى المضاف في نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أو كظلمات في بحر لجي ( النور : 40 ) أي : " أو كذي ظلمات " وراعاه في قوله : يغشاه موج ( النور : 40 ) وهذا الوجه هو الذي عول عليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، ولم يذكر سواه .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني فذكر في " المحتسب " الوجه الأول ، وقال : فإن قلت : فهلا حملته على حذف الموصوف ، فكأنه قال : " فله عشر حسنات وأمثالها " ؟ قيل : حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ليس بمستحسن في القياس ؛ وأكثر ما أتى في الشعر ، ولذلك حمل ( دانية ) من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها ( الإنسان : 14 ) على أنه وصف جنة ، أو " وجنة دانية " عطف على " جنة " من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وجزاهم بما صبروا جنة ( الإنسان : 12 ) لما قدر حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، حتى عطف على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين فيها على الأرائك ( الإنسان : 13 ) فكانت حالا معطوفة على حال .
وفي " كشف المشكلات "
للأصبهاني ، حذف الموصوف هو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وإن كان لا يرى حسن " ثلاثة مسلمين " بحذف الموصوف ، لكن المثل وإن كان معنى جرى مجرى الاسم في " مررت بمثلك " ولا يستقل به الموصوف .
وقوله تعالى حكاية عن
لقمان :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل ( لقمان : 16 ) فأنث الفعل المسند لـ " مثقال " وهو مذكر ، ولكن لما أضيف إلى " حبة " اكتسب منه التأنيث ، فساغ تأنيث فعله .
[ ص: 427 ] وذكر
أبو البقاء في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=185كل نفس ذائقة الموت ( آل عمران : 185 ) أن التأنيث في " ذائقة " باعتبار معنى ( كل ) لأن معناها التأنيث ، قال : لأن كل نفس نفوس ولو ذكر على لفظ " كل " جاز ، يعني أنه لو قيل : كل نفس ذائق كذا ، جاز .
وهو مردود ؛ لأنه يجب اعتبار ما يضاف إليه " كل " إذا كانت نكرة ، ولا يجوز أن يعتبر ( كل ) .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271إن تبدوا الصدقات فنعما هي ( البقرة : 271 ) فإن الظاهر عود الضمير إلى الإبداء بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ( البقرة : 271 ) فذكر الضمير العائد على الإخفاء ، ولو قصد الصدقات لقال : " فهي " وإنما أنث " هي " والذي عاد إليه مذكر على حذف مضاف ، أي : وإبداؤها نعم ما هي ، كقوله : القرية اسألها .
ومنه ( سعيرا ) ( الفرقان : 11 ) وهو مذكر . ثم قال : إذا رأتهم ( الفرقان : 12 ) فحمله على النار .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ( فصلت : 37 ) فقيل : الضمير عائد على الآيات المتقدمة في اللفظ .
وقال
البغوي : إنما قال : خلقهن بالتأنيث لأنه أجري على طريق جمع التكسير ، ولم يجر على طريق التغليب للمذكر على المؤنث ؛ لأنه فيما لا يعقل .
وقيل في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1الذي خلقكم من نفس واحدة ( النساء : 1 ) : إن المراد
آدم فأنثه ردا إلى النفس ، وقد قرئ شاذا : " من نفس واحد " .
[ ص: 428 ] وحكى
الثعلبي في تفسيره في سورة " اقترب " بإسناده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ؛ سئل عن ألف مسألة ، منها : ما الفرق بين قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=22جاءتها ريح عاصف ( يونس : 22 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=81ولسليمان الريح عاصفة ( الأنبياء : 81 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7أعجاز نخل خاوية ( الحاقة : 7 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=20كأنهم أعجاز نخل منقعر ( القمر : 20 ) فقال : كل ما ورد عليك من هذا الباب ، فلك أن ترده إلى اللفظ تذكيرا ، ولك أن ترده إلى المعنى تأنيثا ، وهذا من قاعدة أن اسم الجنس تأنيثه غير حقيقي ؛ فتارة يلحظ معنى الجنس فيذكر ، وتارة معنى الجماعة فيؤنث ، قال تعالى في قصة
شعيب :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=94وأخذت الذين ظلموا الصيحة ( هود : 94 ) وفي قصة
صالح nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=67وأخذ الذين ظلموا الصيحة ( هود : 67 ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=70إن البقر تشابه علينا ( البقرة : 70 ) وقرئ : " تشابهت " .
وأبدى
السهيلي للحذف والإثبات معنى حسنا فقال : إنما حذفت منه ؛ لأن الصيحة فيها بمعنى العذاب والخزي ، إذ كانت منتظمة بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=66ومن خزي يومئذ ( هود : 66 ) فقوي التذكير بخلاف قصة
شعيب ، فإنه لم يذكر فيها ذلك .
وأجاب غيره بأن الصيحة يراد بها المصدر بمعنى الصياح ، فيجيء فيها التذكير ، فيطلق ويراد بها الوحدة من المصدر ، فيكون التأنيث أحسن .
وقد أخبر سبحانه عن
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28905_29568العذاب الذي أصاب به قوم شعيب بثلاثة أمور كلها مفردة اللفظ :
أحدها : الرجفة ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=37فأخذتهم الرجفة ( العنكبوت : 37 ) .
والثاني : الظلة ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=189فأخذهم عذاب يوم الظلة ( الشعراء : 189 ) .
والثالث : الصيحة ، وجمع لهم الثلاثة ؛ لأن الرجفة بدأت بهم فأصحروا في الفضاء خوفا من سقوط الأبنية عليهم ، فضربتهم الشمس بحرها ، ورفعت لهم الظلة ،
[ ص: 429 ] فهرعوا إليها يستظلون بها من الشمس ، فنزل عليهم فيها العذاب وفيه الصيحة ، فكان ذكر الصيحة مع الرجفة والظلة أحسن من ذكر الصياح ، فكان ذكر التاء أحسن .
فإن قلت : ما
nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29568الفرق بين قوله سبحانه : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ( النحل : 36 ) وبين قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ( الأعراف : 30 ) .
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
لفظي ومعنوي :
أما اللفظي ، فهو أن الفصل بين الفعل والفاعل في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30حق عليهم الضلالة ( الأعراف : 30 ) أكثر منه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36حقت عليه الضلالة ( النحل : 36 ) والحذف مع كثرة الحواجز أحسن .
وأما المعنوي فهو أن ( من ) في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ومنهم من حقت عليه الضلالة ( النحل : 36 ) راجعة على الجماعة وهي مؤنثة لفظا ، بدليل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ( النحل : 36 ) ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ومنهم من حقت عليه الضلالة ( النحل : 36 ) أي : من تلك الأمم ، ولو قال : " ضلت " لتعينت التاء ، والكلامان واحد ، وإن كان معناهما واحدا فكان إثبات التاء أحسن من تركها ؛ لأنها ثابتة فيما هو من معنى الكلام المتأخر .
وأما :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ( الأعراف : 30 ) فالفريق مذكر ، ولو قال : " ضلوا " لكان بغير تاء ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30حق عليهم الضلالة ( الأعراف : 30 ) في معناه ، فجاء بغير تاء ، وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب ، أن يدعوا حكم اللفظ الواجب في قياس لغتهم ، إذا كان في مركبه كلمة لا يجب لها حكم ذلك الحكم .
nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29568تَأْنِيثُ الْمُذَكَّرِ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=11الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا ( الْمُؤْمِنُونَ : 11 ) فَأَنَّثَ ( الْفِرْدَوْسَ ) وَهُوَ مُذَكَّرٌ ؛ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى الْجَنَّةِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=160مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ( الْأَنْعَامِ : 160 ) فَأَنَّثَ " عَشْرُ " حَيْثُ جُرِّدَتْ مِنَ الْهَاءِ مَعَ إِضَافَتِهِ إِلَى الْأَمْثَالِ ، وَوَاحِدُهَا مُذَكَّرٌ وَفِيهِ أَوْجُهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّثَ لِإِضَافَةِ الْأَمْثَالِ إِلَى مُؤَنَّثٍ ؛ وَهُوَ ضَمِيرُ الْحَسَنَاتِ ، وَالْمُضَافُ يَكْتَسِبُ أَحْكَامَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ، فَتَكُونُ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=10يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ( يُوسُفَ : 10 ) .
وَالثَّانِي : هُوَ مِنْ بَابِ مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الْأَمْثَالَ فِي الْمَعْنَى مُؤَنَّثَةٌ ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الْحَسَنَةِ حَسَنَةٌ لَا مَحَالَةَ ، فَلَمَّا أُرِيدَ تَوْكِيدُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْمُطِيعِ ، وَأَنَّهُ لَا يَضِيعُ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ ، كَأَنَّ الْحَسَنَةَ الْمُنْتَظَرَةَ وَاقِعَةٌ ، جُعِلَ التَّأْنِيثُ فِي أَمْثَالِهَا مُنَبِّهَةً عَلَى ذَلِكَ الْوَضْعِ ، وَإِشَارَةً إِلَيْهِ ، كَمَا جُعِلَتِ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِمْ : رَاوِيَةٌ وَعَلَّامَةٌ ؛ تَنْبِيهًا عَلَى الْمَعْنَى الْمُؤَنَّثِ الْمُرَادِ فِي أَنْفُسِهِمْ ،
[ ص: 426 ] وَهُوَ الْغَايَةُ وَالنِّهَايَةُ ، وَلِذَلِكَ أَنَّثَ الْمَثَلَ هُنَا تَوْكِيدًا لِتَصْوِيرِ الْحَسَنَةِ فِي نَفْسِ الْمُطِيعِ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُ إِلَى الطَّاعَةِ ، حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ : " فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالُهَا " حُذِفَ ، وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ ، وَرُوعِيَ ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ ، كَمَا يُرَاعَى الْمُضَافُ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ( النُّورِ : 40 ) أَيْ : " أَوْ كَذِي ظُلُمَاتٍ " وَرَاعَاهُ فِي قَوْلِهِ : يَغْشَاهُ مَوْجٌ ( النُّورِ : 40 ) وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاهُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ فَذَكَرَ فِي " الْمُحْتَسِبِ " الْوَجْهَ الْأَوَّلَ ، وَقَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : فَهَلَّا حَمَلْتَهُ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : " فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَأَمْثَالُهَا " ؟ قِيلَ : حَذْفُ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةُ الصِّفَةِ مَقَامَهُ لَيْسَ بِمُسْتَحْسَنٍ فِي الْقِيَاسِ ؛ وَأَكْثَرُ مَا أَتَى فِي الشِّعْرِ ، وَلِذَلِكَ حُمِلَ ( دَانِيَةً ) مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ( الْإِنْسَانِ : 14 ) عَلَى أَنَّهُ وَصْفُ جَنَّةٍ ، أَوْ " وَجَنَّةً دَانِيَةً " عُطِفَ عَلَى " جَنَّةً " مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً ( الْإِنْسَانِ : 12 ) لَمَّا قَدَّرَ حَذْفَ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةَ الصِّفَةِ مَقَامَهُ ، حَتَّى عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ( الْإِنْسَانِ : 13 ) فَكَانَتْ حَالًا مَعْطُوفَةً عَلَى حَالٍ .
وَفِي " كَشْفِ الْمُشْكِلَاتِ "
لِلْأَصْبِهَانِيِّ ، حَذْفُ الْمَوْصُوفِ هُوَ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى حُسْنَ " ثَلَاثَةِ مُسْلِمِينَ " بِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ ، لَكِنَّ الْمَثَلَ وَإِنْ كَانَ مَعْنًى جَرَى مَجْرَى الِاسْمِ فِي " مَرَرْتُ بِمِثْلِكَ " وَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْمَوْصُوفُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ
لُقْمَانَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ( لُقْمَانَ : 16 ) فَأَنَّثَ الْفِعْلَ الْمُسْنَدَ لِـ " مِثْقَالَ " وَهُوَ مُذَكَّرٌ ، وَلَكِنْ لَمَّا أُضِيفَ إِلَى " حَبَّةٍ " اكْتَسَبَ مِنْهُ التَّأْنِيثَ ، فَسَاغَ تَأْنِيثُ فِعْلِهِ .
[ ص: 427 ] وَذَكَرَ
أَبُو الْبَقَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=185كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ( آلِ عِمْرَانَ : 185 ) أَنَّ التَّأْنِيثَ فِي " ذَائِقَةُ " بِاعْتِبَارِ مَعْنَى ( كُلُّ ) لِأَنَّ مَعْنَاهَا التَّأْنِيثُ ، قَالَ : لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ نُفُوسٌ وَلَوْ ذَكَّرَ عَلَى لَفْظِ " كُلُّ " جَازَ ، يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قِيلَ : كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقٌ كَذَا ، جَازَ .
وَهُوَ مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ اعْتِبَارُ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ " كُلُّ " إِذَا كَانَتْ نَكِرَةً ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ ( كُلُّ ) .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ( الْبَقَرَةِ : 271 ) فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى الْإِبْدَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ( الْبَقَرَةِ : 271 ) فَذَكَّرَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْإِخْفَاءِ ، وَلَوْ قَصَدَ الصَّدَقَاتِ لَقَالَ : " فَهِيَ " وَإِنَّمَا أَنَّثَ " هِيَ " وَالَّذِي عَادَ إِلَيْهِ مُذَكَّرٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : وَإِبْدَاؤُهَا نِعْمَ مَا هِيَ ، كَقَوْلِهِ : الْقَرْيَةَ اسْأَلْهَا .
وَمِنْهُ ( سَعِيرًا ) ( الْفُرْقَانِ : 11 ) وَهُوَ مُذَكَّرٌ . ثُمَّ قَالَ : إِذَا رَأَتْهُمْ ( الْفُرْقَانِ : 12 ) فَحَمَلَهُ عَلَى النَّارِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ( فُصِّلَتْ : 37 ) فَقِيلَ : الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي اللَّفْظِ .
وَقَالَ
الْبَغَوِيُّ : إِنَّمَا قَالَ : خَلَقَهُنَّ بِالتَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ أُجْرِيَ عَلَى طَرِيقِ جَمْعِ التَّكْسِيرِ ، وَلَمْ يُجْرَ عَلَى طَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِلْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَا يَعْقِلُ .
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ( النِّسَاءِ : 1 ) : إِنَّ الْمُرَادَ
آدَمُ فَأَنَّثَهُ رَدًّا إِلَى النَّفْسِ ، وَقَدْ قُرِئَ شَاذًّا : " مِنْ نَفْسِ وَاحِدٍ " .
[ ص: 428 ] وَحَكَى
الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ " اقْتَرَبَ " بِإِسْنَادِهِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ ؛ سُئِلَ عَنْ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ ، مِنْهَا : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=22جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ ( يُونُسَ : 22 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=81وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً ( الْأَنْبِيَاءِ : 81 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ( الْحَاقَّةِ : 7 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=20كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ( الْقَمَرِ : 20 ) فَقَالَ : كُلُّ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، فَلَكَ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَى اللَّفْظِ تَذْكِيرًا ، وَلَكَ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَى الْمَعْنَى تَأْنِيثًا ، وَهَذَا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ تَأْنِيثُهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ؛ فَتَارَةً يُلْحَظُ مَعْنَى الْجِنْسِ فَيُذَكَّرُ ، وَتَارَةً مَعْنَى الْجَمَاعَةِ فَيُؤَنَّثُ ، قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ
شُعَيْبٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=94وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ( هُودٍ : 94 ) وَفِي قِصَّةِ
صَالِحٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=67وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ( هُودٍ : 67 ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=70إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا ( الْبَقَرَةِ : 70 ) وَقُرِئَ : " تَشَابَهَتْ " .
وَأَبْدَى
السُّهَيْلِيُّ لِلْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ مَعْنًى حَسَنًا فَقَالَ : إِنَّمَا حُذِفَتْ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الصَّيْحَةَ فِيهَا بِمَعْنَى الْعَذَابِ وَالْخِزْيِ ، إِذْ كَانَتْ مُنْتَظِمَةً بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=66وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ( هُودٍ : 66 ) فَقَوِيَ التَّذْكِيرُ بِخِلَافِ قِصَّةِ
شُعَيْبٍ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا ذَلِكَ .
وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الصَّيْحَةَ يُرَادُ بِهَا الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الصِّيَاحِ ، فَيَجِيءُ فِيهَا التَّذْكِيرُ ، فَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْوَحْدَةُ مِنَ الْمَصْدَرِ ، فَيَكُونُ التَّأْنِيثُ أَحْسَنَ .
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28914_28905_29568الْعَذَابِ الَّذِي أَصَابَ بِهِ قَوْمَ شُعَيْبٍ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ كُلُّهَا مُفْرَدَةُ اللَّفْظِ :
أَحَدُهَا : الرَّجْفَةُ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=37فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ( الْعَنْكَبُوتِ : 37 ) .
وَالثَّانِي : الظُّلَّةُ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=189فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ( الشُّعَرَاءِ : 189 ) .
وَالثَّالِثُ : الصَّيْحَةُ ، وَجَمَعَ لَهُمُ الثَّلَاثَةَ ؛ لِأَنَّ الرَّجْفَةَ بَدَأَتْ بِهِمْ فَأَصْحَرُوا فِي الْفَضَاءِ خَوْفًا مِنْ سُقُوطِ الْأَبْنِيَةِ عَلَيْهِمْ ، فَضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ بِحَرِّهَا ، وَرُفِعَتْ لَهُمُ الظُّلَّةُ ،
[ ص: 429 ] فَهُرِعُوا إِلَيْهَا يَسْتَظِلُّونَ بِهَا مِنَ الشَّمْسِ ، فَنَزَلَ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْعَذَابُ وَفِيهِ الصَّيْحَةُ ، فَكَانَ ذِكْرُ الصَّيْحَةِ مَعَ الرَّجْفَةِ وَالظُّلَّةِ أَحْسَنَ مِنْ ذِكْرِ الصِّيَاحِ ، فَكَانَ ذِكْرُ التَّاءِ أَحْسَنَ .
فَإِنْ قُلْتَ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29568الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ( النَّحْلِ : 36 ) وَبَيْنَ قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ( الْأَعْرَافِ : 30 ) .
قِيلَ : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ :
لَفْظِيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ :
أَمَّا اللَّفْظِيُّ ، فَهُوَ أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ( الْأَعْرَافِ : 30 ) أَكْثَرُ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ( النَّحْلِ : 36 ) وَالْحَذْفُ مَعَ كَثْرَةِ الْحَوَاجِزِ أَحْسَنُ .
وَأَمَّا الْمَعْنَوِيُّ فَهُوَ أَنَّ ( مَنْ ) فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ( النَّحْلِ : 36 ) رَاجِعَةٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَفْظًا ، بِدَلِيلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ( النِّحْلِ : 36 ) ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ( النَّحْلِ : 36 ) أَيْ : مِنْ تِلْكَ الْأُمَمِ ، وَلَوْ قَالَ : " ضَلَّتْ " لَتَعَيَّنَتِ التَّاءُ ، وَالْكَلَامَانِ وَاحِدٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا فَكَانَ إِثْبَاتُ التَّاءِ أَحْسَنَ مِنْ تَرْكِهَا ؛ لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ فِيمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ الْمُتَأَخِّرِ .
وَأَمَّا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ( الْأَعْرَافِ : 30 ) فَالْفَرِيقُ مُذَكَّرٌ ، وَلَوْ قَالَ : " ضَلُّوا " لَكَانَ بِغَيْرِ تَاءٍ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=30حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ( الْأَعْرَافِ : 30 ) فِي مَعْنَاهُ ، فَجَاءَ بِغَيْرِ تَاءٍ ، وَهَذَا أُسْلُوبٌ لَطِيفٌ مِنْ أَسَالِيبِ الْعَرَبِ ، أَنْ يَدَعُوا حُكْمَ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي قِيَاسِ لُغَتِهِمْ ، إِذَا كَانَ فِي مُرَكَّبِهِ كَلِمَةٌ لَا يَجِبُ لَهَا حُكْمُ ذَلِكَ الْحُكْمِ .