8 -
ترد لمعان : " أن " المفتوحة الهمزة الساكنة النون .
( الأول ) حرفا مصدريا ناصبا للفعل المضارع ، وتقع معه في موقع المبتدأ ، والفاعل ، والمفعول ، والمضاف إليه .
فالمبتدأ يكون في موضع رفع نحو : وأن تصوموا خير لكم ( البقرة : 184 ) وأن تصبروا خير لكم ( النساء : 25 ) وأن يستعففن خير لهن ( النور : 60 ) وأن تعفوا أقرب للتقوى ( البقرة : 237 ) .
والفاعل كقوله تعالى : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا ( التوبة : 120 ) أكان للناس عجبا أن أوحينا ( يونس : 2 ) . وما كان جواب قومه إلا أن قالوا : ( الأعراف : 2 ) في قراءة من نصب " جواب " .
[ ص: 198 ] وتقع معه موقع المفعول به فيكون في موضع نصب ، نحو : وما كان هذا القرآن أن يفترى ( يونس : 37 ) . يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ( المائدة : 52 ) . فأردت أن أعيبها ( الكهف : 79 ) وأمرت لأن أكون ( الزمر : 12 ) . وقوله : فإن استطعت أن تبتغي نفقا ( الأنعام : 35 ) . يريد الله أن يخفف عنكم ( النساء : 28 ) . إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر ( نوح : 1 ) معناه ( بأن أنذر ) ، فلما حذفت الباء تعدى الفعل فنصب . ومنه في أحد القولين : إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ( المائدة : 117 ) نصب على البدل من قوله : ما أمرتني به ( المائدة : 117 ) .
والمضاف إليه ، فيكون في موضع جر كقوله تعالى : قل هو القادر على أن يبعث عليكم ( الأنعام : 65 ) قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ( الأعراف : 129 ) أي من قبل إتيانك . وإنما لم ينصب في قوله تعالى : أكان للناس عجبا أن أوحينا ( يونس : 2 ) وإن كان المعنى : لوحينا لأن الفعل بعدها لم يكن مستحقا للإعراب ، ولا يستعمل إلا أن تعمل فيه العوامل .
كقوله تعالى : وقد يعرض لـ " أن " هذه حذف حرف الجر ، الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ( العنكبوت : 1 - 2 ) أي بأن يقولوا كما قدرت في قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم ( البقرة : 25 ) أي بأن لهم . ومذهب أنها في موضع نصب ، ونفاها الخليل على أصل الجر . سيبويه
وتقع بعد عسى فتكون مع صلتها في تأويل مصدر منصوب ، إن كانت ناقصة ، نحو : عسى زيد أن يقوم . ومثله : عسى ربكم أن يرحمكم ( الإسراء : 8 )
[ ص: 199 ] وتكون في تأويل مصدر مرفوع إن كانت تامة كقولك : عسى أن ينطلق زيد ، ومثله : وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا ( البقرة : 216 ) .
( ويكون اسمها ضمير الشأن ، وتقع بعدها الجملة خبرا عنها ، نحو : الثاني ) مخففة من الثقيلة فتقع بعد فعل اليقين وما في معناه ، أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك ( طه : 89 ) . علم أن سيكون منكم مرضى ( المزمل : 20 ) وحسبوا ألا تكون فتنة ( المائدة : 71 ) . وأن عسى أن يكون ( الأعراف : 185 ) وأن لو استقاموا ( الجن : 16 ) . وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( يونس : 10 ) . وجعل منه : ابن الشجري وناديناه أن ياإبراهيم ( الصافات : 104 ) أي أنه يا إبراهيم .
( : تمام ما قبلها من الجملة ، وعدم تعلقها بما بعدها ، وأن يكون الفعل الذي تفسره في معنى القول ، كقوله تعالى : الثالث ) : مفسرة بمنزلة أي التي لتفسير ما قبلها ، بثلاثة شروط وناديناه أن ياإبراهيم ( الصافات : 104 ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ( المؤمنون : 27 ) و أن طهرا بيتي ( البقرة : 125 ) .
قال : تكون هذه في الأمر خاصة وإنما شرط مجيئها بعد كلام تام ، لأنها تفسير ولا موضع لها من الإعراب لأنها حرف يعبر به عن المعنى . ابن الشجري
وخرج بالأول : وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( يونس : 10 ) لأن الكلام لم [ ص: 200 ] يتم فإن ما قبلها مبتدأ ، وهي في موضع الخبر ، ولا يمكن أن تكون ناصبة ، لوقوع الاسم بعدها بمقتضى أنها المخففة من الثقيلة .
وأما قوله تعالى : وانطلق الملأ منهم أن امشوا ( ص : 6 ) فقيل : إنها مفسرة ، لأن الانطلاق متضمن لمعنى القول .
وقال الخليل : يريدون أنهم انطلقوا في الكلام بهذا ، وهو امشوا أي أكثروا يقال : أمشى الرجل ومشى إذا كثرت ماشيته ، فهو لا يريد انطلقوا بالمشي الذي هو انتقال ، إنما يريد قالوا هذا . وقيل : عبارة عن الأخذ في القول فيكون بمنزلة صريحه ، و " أن " مفسرة وقيل : مصدرية .
فإن قيل : قد جاءت بعد صريح القول ، كقوله تعالى : ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ( المائدة : 117 ) . ( قلنا ) : لا دلالة فيه ، لاحتمال أنها مصدرية . وقال الصفار : لا تتصور المصدرية هنا بمعنى إلا عبادة الله ، لأن القول لا يقع بعده المفرد ، إلا أن يكون هو المقول بنفسه ، أو يكون في معنى المقول نحو : قلت خبرا وشعرا ، لأنهما في معنى الكلام ، أو يقول : قلت زيدا ، أي هذا اللفظ ، وهذا لا يمكن في الآية لأنهم لم يقولوا هذه العبارة ، فثبت أنها تفسيرية أي اعبدوا الله .
وقال : ليست " أن " تفسيرا للقول ، بل للأمر لأن فيه معنى القول ، فلو كان " ما قلت لهم إلا ما قلت لي أن اعبدوا الله " لم يجز لذكر القول . السيرافي
( كقوله تعالى في سورة العنكبوت : الرابع ) زائدة وتكون بعد " لما " التوقيتية ، ولما أن جاءت رسلنا لوطا ( الآية : 33 ) بدليل قوله في سورة هود : ولما جاءت رسلنا لوطا ( الآية : 77 ) فجاء فيها على الأصل .
[ ص: 201 ] وأما قوله : فلما أن جاء البشير ( يوسف : 96 ) فجيء بـ " أن " ولم يأت على الأصل من الحذف ؛ لأنه لما كان مجيء البشير إلى يعقوب عليه السلام بعد طول الحزن وتباعد المدة ، ناسب ذلك زيادة " أن " لما في مقتضى وصفها من التراخي .
وذهب الأخفش إلى أنها قد تنصب الفعل ، وهي مزيدة كقوله تعالى : وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله ( البقرة : 246 ) وما لكم ألا تنفقوا ( الحديد : 10 ) و " أن " في الآيتين زائدة بدليل : وما لنا لا نؤمن بالله ( المائدة : 84 ) .
( كقوله : الخامس ) شرطية في قول الكوفيين أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما ( البقرة : 282 ) قالوا : ولذلك دخلت الفاء .
( السادس ) نافية بمعنى " لا " في قوله تعالى : قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد ( آل عمران : 73 ) أي لا يؤتى أحد . والصحيح أنها مصدرية . وزعم أن " يؤتى " متصل بقوله : المبرد ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ( آل عمران : 73 ) واللام زائدة . وقيل : إن " يؤتى " في موضع رفع أي إن الهدى أن يؤتى .
( كقوله تعالى : السابع ) التعليل بمنزلة لئلا يبين الله لكم أن تضلوا ( النساء : 176 ) . أي لئلا تضلوا وقال البصريون : على حذف مضاف ، أي كراهة أن تضلوا . وكذا قوله : أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ( الأنعام : 165 ) وقوله : أن تقول نفس ياحسرتا ( الزمر : 56 ) .
[ ص: 202 ] ( كقوله : الثامن ) بمعنى " إذ " مع الماضي بل عجبوا أن جاءهم ( ق : 2 ) . وقيل : بل المعنى " لأن جاءهم " ، أي من أجله . قيل : ومع المضارع ، كقوله : أن تؤمنوا بالله ربكم ( الممتحنة : 1 ) أي إذا آمنتم والصحيح أنها مصدرية .
وأجاز أن تقع " أن " مثل " ما " في نيابتها عن ظرف الزمان ، وجعل منه قوله تعالى : الزمخشري ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك ( البقرة : 285 ) وقوله : إلا أن يصدقوا ( النساء : 92 ) . ورد بأن استعمالها للتعليل مجمع عليه ، وهو لائق في هاتين الآيتين ، والتقدير " لأن آتاه " و " لئلا يصدقوا "