[ ص: 301 ] النوع الحادي عشر
معرفة على كم لغة نزل
ثبت في " الصحيحين " من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس ، جبريل على حرف فراجعته ، ثم لم أزل أستزيده فيزيدني ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف . زاد أقرأني مسلم : [ ص: 302 ] قال : بلغني أن تلك السبعة إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام . ابن شهاب
وأخرجا أيضا من قال : سمعت عمر بن الخطاب يقرأ سورة " الفرقان " على غير ما أقرؤها ، وفي رواية : على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إني سمعت هذا يقرأ سورة " الفرقان " على غير ما أقرأتنيها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسله ، اقرأ ، فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هكذا أنزلت ، ثم قال لي : اقرأ ، فقرأت ، فقال : هكذا أنزلت ; إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرءوا ما تيسر منه هشام بن حكيم بن حزام . حديث
وأخرج مسلم نحوه عن وفيه : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبي بن كعب ، إبراهيم - عليه السلام - . فإني أرسل إلي : أن اقرأ القرآن على حرف ، فرددت إليه : أن هون على أمتي ، فرد إلي الثانية : اقرأه على حرفين ، فرددت إليه : أن هون على أمتي ، فرد إلي الثالثة : اقرأه على سبعة [ ص: 303 ] أحرف ، ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها ، فقلت : اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى
وأخرج في " مصنفه " من حديث قاسم بن أصبغ المقبري ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ، . إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ; فاقرءوا ولا حرج ، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ، ولا ذكر عذاب برحمة
وأما ما رواه الحاكم في " المستدرك " عن سمرة يرفعه : فقال أنزل القرآن على ثلاثة أحرف أبو عبيد : تواترت الأخبار بالسبعة إلا هذا الحديث .
قال أبو شامة : يحتمل أن يكون معناه : إن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف ; كـ " جذوة " ( القصص : 29 ) و " الرهب " ( القصص : 32 ) و " الصدفين " ( الكهف : 96 ) ، [ ص: 304 ] فيقرأ كل واحد على ثلاثة أوجه في هذه القراءة المشهورة . أو أراد : أنزل ابتداء على ثلاثة ، ثم زيد إلى سبعة ، ومضى جميع ذلك أنه نزل منه ما يقرأ على حرفين ، وعلى ثلاثة وأكثر إلى سبعة أحرف ; توسعة على العباد باعتبار اختلاف اللغات والألفاظ المترادفة ، وما يقارب معناها .
وقال ابن العربي : لم يأت في معنى هذا السبع نص ولا أثر ، واختلف الناس في تعيينها .
وقال الحافظ : اختلف الناس فيها على خمسة وثلاثين قولا ، وقال : وقفت منها على كثير ; فذهب بعضهم إلى أن المراد التوسعة على القارئ ، ولم يقصد به الحصر ، والأكثر على أنه محصور في سبعة ، ثم اختلفوا : هل هي باقية إلى الآن نقرؤها ؟ أم كان ذلك أولا ؟ ثم استقر الحال بعده على قولين . أبو حاتم بن حبان البستي
وقال القرطبي : إن القائلين بالثاني - وهو أن الأمر كان كذلك ، ثم استقر على ما هو الآن - هم أكثر العلماء ، منهم سفيان بن عيينة وابن وهب والطبري ثم اختلفوا : هل استقر في حياته صلى الله عليه وسلم أم بعد وفاته ؟ والأكثرون على الأول ، واختاره القاضي والطحاوي ، أبو بكر بن الطيب وابن عبد البر وابن العربي وغيرهم ، ورأوا أن ضرورة اختلاف [ ص: 305 ] لغات العرب ، ومشقة نطقهم بغير لغتهم ، اقتضت التوسعة عليهم في أول الأمر ، فأذن لكل منهم أن يقرأ على حرفه ، أي على طريقته في اللغة ; إلى أن انضبط الأمر في آخر العهد ، وتدربت الألسن ، وتمكن الناس من الاقتصار على الطريقة الواحدة ; فعارض جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرتين في السنة الآخرة ، واستقر على ما هو عليه الآن ، فنسخ الله سبحانه تلك القراءة المأذون فيها بما أوجبه من الاقتصار على هذه القراءة التي تلقاها الناس ، ويشهد لهذا الحديث الآتي من مراعاة التخفيف على العجوز والشيخ الكبير ، ومن التصريح في بعضها بأن ذلك مثل : هلم وتعال .