فصل  
في  عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه   
قال   الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ     : " عدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة - وقال - بعث   الحجاج بن يوسف  إلى  قراء  البصرة ،    فجمعهم ، واختار منهم   الحسن البصري ،  وأبا العالية ،  ونصر بن عاصم ،  وعاصما الجحدري ،   ومالك بن دينار     - رحمة الله عليهم - وقال : عدوا حروف القرآن . فبقوا أربعة أشهر يعدون بالشعير ، فأجمعوا على أن كلماته سبع وسبعون ألف كلمة ، وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة ، وأجمعوا على أن عدد حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا " . انتهى .  
وقال غيره : أجمعوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية ، ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك على أقوال : فمنهم من لم يزد على ذلك ، ومنهم من قال : ومائتا آية وأربع آيات ،      [ ص: 348 ] وقيل : وأربع عشرة آية . وقيل : مائتان وتسع عشرة آية ، وقيل : مائتان وخمس وعشرون آية ، أو ست وعشرون آية ، وقيل : مائتان وست وثلاثون . حكى ذلك   أبو عمرو الداني  في كتاب " البيان " .  
وأما كلماته : فقال الفضيل بن شاذان ، عن عطاء بن يسار : سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وسبع وثلاثون كلمة .  
وأما حروفه : فقال   عبد الله بن جبير ،  عن  مجاهد     : ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ، وقال  سلام أبو محمد الحماني     : إن  الحجاج  جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال : أخبروني عن القرآن كله ; كم من حرف هو ؟ قال : فحسبناه ، فأجمعوا على أنه ثلاثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون حرفا . قال : فأخبروني عن نصفه . فإذا هو إلى الفاء من قوله في " الكهف " :  وليتلطف      ( الآية : 19 ) . وثلثه الأول عند رأس مائة من براءة ، والثاني على رأس مائة أو إحدى ومائة من " الشعراء " ، والثالث إلى آخره ، وسبعه الأول إلى الدال في قوله :  فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه      ( النساء : 55 ) ، والسبع الثاني إلى التاء من قوله في " الأعراف " :  حبطت أعمالهم      ( الآية : 147 ) ، والثالث إلى الألف الثانية من قوله في " الرعد " :  أكلها      ( الآية : 35 ) ، والرابع إلى الألف في " الحج " من قوله :  جعلنا منسكا      ( الآية : 34 و 67 ) ، والخامس إلى الهاء من قوله في " الأحزاب " :  وما كان لمؤمن ولا مؤمنة      ( الآية : 36 ) ، والسادس إلى الواو من قوله في الفتح :  الظانين بالله ظن السوء      ( الآية : 6 ) ، والسابع إلى آخر القرآن .  
قال  سلام     : علمنا ذلك في أربعة أشهر .  
قالوا : وكان  الحجاج  يقرأ في كل ليلة ربع القرآن ، فالأول إلى آخر " الأنعام " ، والثاني إلى  وليتلطف      ( الآية : 19 ) ، من سورة " الكهف " ، والثالث إلى آخر المؤمن ، والرابع إلى آخر القرآن .  
وحكى   الشيخ أبو عمرو الداني  في كتاب " البيان " خلافا في هذا كله .  
 [ ص: 349 ] وأما  التحزيب والتجزئة   فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين ، كما في الربعات بالمدارس وغيرها ، وقد أخرج  أحمد  في " مسنده " ،  وأبو داود   وابن ماجه  ،  عن  أوس بن حذيفة  أنه سأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته : " كيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل من " ق " حتى يختم "     .  
أسند  الزبيدي  في كتاب " الطبقات " عن   المبرد     :  أول من نقط المصحف    أبو الأسود الدؤلي ،  وذكر أيضا أن   ابن سيرين  كان له مصحف نقطه له   يحيى بن يعمر ،  وذكر  أبو الفرج     : أن   زياد بن أبي سفيان  أمر  أبا الأسود  أن ينقط المصاحف . وذكر   الجاحظ  في كتاب " الأمصار " أن  نصر بن عاصم  أول من نقط المصاحف ، وكان يقال له : نصر الحروف .  
وأما  وضع الأعشار      : فقيل : إن   المأمون العباسي  أمر بذلك ، وقيل : إن  الحجاج  فعل ذلك .  
واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد مائة وأربع عشرة سورة ;      [ ص: 350 ] كما هي في المصحف العثماني ، أولها الفاتحة وآخرها الناس . وقال  مجاهد     : " وثلاث عشرة بجعل " الأنفال " ، و " التوبة " سورة واحدة لاشتباه الطرفين وعدم البسملة . ويرده تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - كلا منهما ، وكان في مصحف   ابن مسعود  اثنا عشر ، لم يكن فيها المعوذتان ; لشبهة الرقية ، وجوابه رجوعه إليهم ، وما كتب الكل . وفي مصحف  أبي  ست عشرة ، وكان دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين . ولا دليل فيه لموافقتهم ، وهو دعاء كتب بعد الختمة .  
وعدد آياته في قول  علي     - رضي الله عنه - ستة آلاف ومائتان ، وستة وثلاثون ، وفي قول  أبي     : " ستة آلاف ومئتان وثمان عشرة .  وعطاء     : ستة آلاف ومائة وسبع وسبعون .  وحميد     : ستة آلاف ومائتان واثنتا عشرة .  وراشد     : " ستة آلاف ومائتان وأربع " .  
وقال  حميد الأعرج     : نصفه  معي صبرا      ( الآية : 67 ) ، في " الكهف " ، وقيل : عين (  تستطيع      ) ( الكهف : 67 ) ، وقيل : ثاني لامي  وليتلطف      ( الكهف : 19 ) .  
واعلم أن  سبب اختلاف العلماء في عد الآي والكلم والحروف   أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقف على رءوس الآي للتوقيف ; فإذا علم محلها وصل للتمام ، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة .  
وأيضا البسملة نزلت مع السورة في بعض الأحرف السبعة ; فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها ، ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها .  
وسبب الاختلاف في الكلمة أن الكلمة لها حقيقة ومجاز ، ولفظ ورسم ، واعتبار كل منها جائز ، وكل من العلماء اعتبر أحد الجوائز .  
وأطول سورة في القرآن   هي " البقرة " ، وأقصرها " الكوثر " .  
 [ ص: 351 ] وأطول آية فيه   آية الدين مائة وثمانية وعشرون كلمة ، وخمسمائة وأربعون حرفا .  
وأقصر آية فيه  والضحى   ، ثم  والفجر   كل كلمة خمسة أحرف تقديرا ثم لفظا ، ستة رسما ، لا  مدهامتان      ; لأنها سبعة أحرف لفظا ورسما ، وثمانية تقديرا ، ولا (  ثم نظر      ) ( المدثر : 21 ) ; لأنهما كلمتان ، خمسة أحرف رسما وكتابة ، وستة أحرف تقديرا ; خلافا لبعضهم .  
وأطول كلمة فيه   لفظا وكتابة بلا زيادة  فأسقيناكموه      ( الحجر : 22 ) ، أحد عشر لفظا ، ثم  اقترفتموها      ( التوبة : 24 ) ، عشرة ، وكذا  أنلزمكموها      ( هود : 28 ) ،  والمستضعفين      ( النساء : 75 ) ، ثم  ليستخلفنهم      ( النور : 55 ) تسعة لفظا ، وعشرة تقديرا .  
وأقصرها نحو باء الجر حرف واحد ، لا أنها حرفان خلافا   للداني  فيهما .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					