16004 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر : أحمد بن الحسن القاضي ، من أصله ، قالوا : ثنا [ ص: 137 ] وأبو عبد الرحمن : محمد بن الحسين السلمي ، ثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب الربيع بن سليمان ، ثنا ، حدثني عبد الله بن وهب ، حدثني ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : قدمت علي امرأة من أهل دومة الجندل ، جاءت تبتغي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موته حداثة ذلك ، تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ، ولم تعمل به ، قالت عائشة - رضي الله عنها - لعروة : يا ابن أختي ، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت تبكي حتى إني لأرحمها ، تقول : إني لأخاف أن أكون قد هلكت ، كان لي زوج فغاب عني ، فدخلت على عجوز فشكوت إليها ذلك فقالت : إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك ، فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين ، فركبت أحدهما ، وركبت الآخر ، فلم يكن كثير حتى وقفنا ببابل ، فإذا برجلين معلقين بأرجلهما ، فقالا : ما جاء بك ؟ فقلت : أتعلم السحر . فقالا : إنما نحن فتنة ، فلا تكفري ، وارجعي . فأبيت ، وقلت : لا . قالا : فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ، فذهبت ففزعت ولم تفعل ، فرجعت إليهما ، فقالا : فعلت . فقلت : نعم . فقالا : هل رأيت شيئا ؟ قلت : لم أر شيئا . فقالا : لم تفعلي ، ارجعي إلى بلادك ، ولا تكفري ، فأربت ، وأبيت ، فقالا : اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ثم ائتي ، فذهبت ، فاقشعر جلدي ، وخفت ، ثم رجعت إليهما ، فقلت : قد فعلت ، فقالا : فما رأيت ؟ فقلت : لم أر شيئا . فقالا : كذبت لم تفعلي ، فارجعي إلى بلادك ولا تكفري ، فإنك على رأس أمرك ، فأربت وأبيت ، فقالا : اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه . فذهبت إليه فبلت فيه ، فرأيت فارسا مقنعا بحديد قد خرج مني حتى ذهب في السماء ، وغاب عني حتى ما أراه ، فجئتهما فقلت : قد فعلت . فقالا : فما رأيت ؟ فقلت : رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء حتى ما أراه . فقالا : صدقت اذهبي . فقلت للمرأة : والله ما أعلم شيئا ، وما قال لي شيئا . قالت : بلى لن تريدي شيئا إلا كان ، خذي هذا القمح فابذري ، فبذرت ، فقلت : اطلعي فطلعت ، فقلت : احقلي فأحقلت ، ثم قلت : افركي فأفركت ، ثم قلت : أيبسي فأيبست ، ثم قلت : اطحني فأطحنت ، ثم قلت : اخبزي فأخبزت ، فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان ، سقط في يدي ، وندمت - والله - يا أم المؤمنين ، ما فعلت شيئا قط ، ولا أفعله أبدا ، فسألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يومئذ متوافرون ، فما دروا ما يقولون لها ، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلم ، إلا أنه قد قال لها ذلك إيمانك خرج منك - أو بعض من كان عنده - : لو كان أبواك حيين أو أحدهما . قال ابن عباس هشام : فلو جاءتنا اليوم أفتيناها بالضمان . قال : وكان هشام يقول : إنهم كانوا أهل ورع وخشية من الله ، وبعداء من التكلف والجرأة على الله ، ثم يقول ابن أبي الزناد هشام : ولكنها لو جاءت اليوم مثلها لوجدت نوكى أهل حمق ، وتكلف بغير علم ، والله أعلم .