4150     - أخبرنا  الحسن بن محمد الإسفرائيني  ، ثنا  محمد بن أحمد بن البراء  ، ثنا  عبد المنعم بن إدريس بن سنان اليماني  ، عن أبيه ،  عن   وهب بن منبه  ، قال : ذكر مولد  موسى بن عمران بن قاهت بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم   ، وحديث عدو الله  فرعون  حين كان يستعبد بني إسرائيل في أعماله  بمصر   وأمر  موسى   والخضر  ، قال  وهب     :  ولما حملت  أم موسى  بموسى   كتمت أمرها جميع الناس ، فلم يطلع على حملها أحد من خلق الله   وذلك شيء أسرها الله به لما أراد أن يمن به على  بني إسرائيل   ، فلما كانت السنة التي يولد فيها  موسى بن عمران   بعث  فرعون  القوابل ، وتقدم إليهن وفتش النساء تفتيشا لم يفتشهن قبل ذلك ، وحملت  أم موسى  بموسى   فلم ينت بطنها ، ولم يتغير لونها ، ولم يفسد لبنها ، ولكن القوابل لا تعرض لها ، فلما كانت الليلة التي ولد فيها  موسى   ولدته أمه ولا رقيب عليها ولا قابل ، ولم يطلع عليها أحد إلا أختها  مريم  ، وأوحى الله إليها أن أرضعيه ، فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين . قال : فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك ، فلما خافت عليه وعليها عملت له تابوتا مطبقا ومهدت له فيه ، ثم ألقته في البحر ليلا كما أمرها الله ، وعمل التابوت على عمل سفن البحر خمسة أشبار في خمسة أشبار ولم يقبر ، فأقبل التابوت يطفو على الماء ، فألقى البحر التابوت بالساحل في جوف الليل ، فلما أصبح  فرعون  جلس في مجلسه على  شاطئ النيل   فبصر بالتابوت ، فقال لمن حوله من خدمه ائتوني بهذا التابوت فأتوه به ، فلما وضع بين يديه فتحوه فوجد فيه  موسى      .  
قال : فلما نظر إليه  فرعون  قال : غير إني من الأعداء فأعظمه ذلك وغاظه ، وقال : كيف أخطأ هذا الغلام الذبح وقد أمرت القوابل أن لا يكتمن مولودا يولد ؟ قال : وكان  فرعون  قد استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها  آسية بنت مزاحم  ، وكانت من خيار النساء المعدودات ، ومن بنات الأنبياء ، وكانت أما للمسلمين ترحمهم وتتصدق عليهم وتعطيهم ويدخلون عليها ، فقالت  لفرعون  وهي قاعدة إلى جنبه : هذا الوليد أكبر من ابن سنة وإنما أمرت أن تذبح الولدان لهذه السنة فدعه      [ ص: 458 ] يكون قرة عين لي ولك ، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه ، وكان  فرعون  لا يولد له إلا البنات فاستحياه  فرعون  ورفعه وألقى الله إليه محبته ورأفته ورحمته ، وقال لامرأته : عسى أن ينفعك أنت فأما أنا فلا أريد نفعه . قال  وهب     : قال   ابن عباس  لو أن عدو الله قال في  موسى   كما قالت امرأته : عسى أن ينفعنا لنفعه الله به ولكنه أبى للشقاء الذي كتب الله عليه ، وحرم الله على  موسى   المراضع ثمانية أيام ولياليهن ، كلما أتي بمرضعة لم يقبل ثديها فرق له  فرعون  ورحمه وطلبت له المراضع ، وذكر  وهب  حزن  أم موسى  وبكاءها عليه حتى كادت أن تبدي به ، ثم تداركها الله برحمته فربط على قلبها إلى أن بلغها خبره ، فقالت لأخته : تنكري واذهبي مع الناس وانظري ماذا يفعلون به ، فدخلت أخته مع القوابل على  آسية بنت مزاحم  ، فلما رأت وجدهم  بموسى   وحبهم له ورقتهم عليه ، قالت : (  هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون      ) إلى أن رد إلى أمه فمكث  موسى   عند أمه حتى فطمته ، ثم ردته إليه فنشأ  موسى   في حجر  فرعون  وامرأته يربيانه بأيديهما واتخذاه ولدا ، فبينا هو يلعب بين يدي  فرعون  ، وبيده قضيب له خفيف صغير يلعب به ، إذ رفع القضيب فضرب به رأس  فرعون  ونظر من ضربه حتى هم بقتله ، فقالت  آسية بنت مزاحم     : أيها الملك لا تغضب ولا يشقن عليك فإنه صبي صغير لا يعقل جربه إن شئت اجعل في هذا الطشت جمرة وذهبا ، فانظر على أيهما يقبض فأمر  فرعون  بذلك ، فلما مد  موسى   يده ليقبض على الذهب قبض الملك الموكل به على يده فردها إلى الجمرة ، فقبض عليها  موسى   فألقاها في فيه ثم قذفها حين وجد حرارتها ، فقالت  آسية  لفرعون  ألم أقل لك إنه لا يعقل شيئا ولا يعلمه ، وكف عنه  فرعون  وصدقها وكان أمر بقتله ويقال : إن العقدة التي كانت في لسان  موسى   أثر تلك الجمرة التي التقمها .  
قال   وهب بن منبه     : ولما بلغ  موسى   أشده وبلغ أربعين سنة آتاه الله علما وحكما وفهما فلبث بذلك اثنتي عشرة سنة داعيا إلى دين  إبراهيم   وشرائعه ، وإلى دين  إسحاق   ويعقوب   ، فآمنت طائفة من بني إسرائيل ، ثم ذكر القصة بطولها     .  
				
						
						
