( 197 ) باب والدليل على أن الله - عز وجل - قد يأمر بالأمر أمر ندب وإرشاد وفضيلة ، لا أن كل أمره أمر فرض وإيجاب إذ الله - عز وجل - أمر باتخاذ [ مقام ] الصلاة بعد الفراغ من الطواف عند المقام إبراهيم [ ص: 1302 ] مصلى ، وتلا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية عند فراغه من الطواف لما عمد إلى مقام إبراهيم ، فصلى خلفه ركعتين ، وليس بفرض على الطائف ولا على أحد من المصلين الصلاة خلف المقام ، إذ الصلاة بعد الفراغ من الطواف جائزة خلف المقام ، وفي غيره من المسجد مستقبل الكعبة ، وأحسب هذه اللفظة : من مقام إبراهيم . من الجنس الذي كنت أعلمت أن العرب قد تدخل " من " في بعض كلامها في الموضع الذي يكون معناها معنى حذف " من " كقوله [ تعالى ] في سورة نوح : يغفر لكم من ذنوبكم [ نوح : 4 ] . والعلم محيط أن نوحا لم يدع قومه إلى الإيمان بالله ليغفر لهم بعض ذنوبهم التي ارتكبوها في الكفر دون أن يكفر جميع ذنوبهم قال الله - عز وجل - لنبيه عليه السلام : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [ الأنفال : 38 ] . ، فأعلم ربنا أن الكافر إذا آمن غفر ذنوبه السالفة كلها لا بعضها دون بعض .