( 32 ) باب ذكر الدليل على أن الشيء قد يشبه بالشيء إذا اشتبه في بعض المعاني لا في جميعها ، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلم أن العبد لا يزال في صلاة ما دام في مصلاه ينتظرها ، وإنما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يزال في صلاة ، أي أن له أجر المصلي ، لا أنه في صلاة في جميع أحكامه ، إذ لو كان منتظر الصلاة في صلاة في جميع أحكامه ، لما جاز لمنتظر الصلاة في ذلك الوقت أن يتكلم بما يقطع عليه صلاته لو تكلم به في الصلاة ، ولما جاز أن يولي وجهه عن القبلة أو يستقبل غير القبلة ، ولكان منهيا عن كل ما نهي عنه المصلي .  
360 - أخبرنا  أبو طاهر  ، نا  أبو بكر  ، نا  عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري  ، حدثني أبي ، نا  حماد  ، عن  ثابت  ، عن  أبي رافع  ، عن   أبي هريرة  قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :    "  لا يزال العبد في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة   ، تقول الملائكة اللهم اغفر [ له ] اللهم ارحمه ، ما لم ينصرف أو يحدث "  قالوا : ما يحدث ؟ قال : " يفسو أو يضرط " .  
قال  أبو بكر     : وهذه اللفظة يفسو أو يضرط من الجنس الذي يقول إن      [ ص: 219 ] ذكرهما لعلة ؛ لأنهما وكل واحد منهما على الانفراد ينقض طهر المتوضئ ، وكل ما نقض طهر المتوضئ من الأحداث كلها فحكمه حكم هذين الحدثين .  
وهذا من الجنس الذي أجبت بعض أصحابنا أنه من الخبر المعلل الذي يجوز أن يشبه به ما هو مثله في الحكم . ولو كان التشبيه والتمثيل لا يجوز على أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما توهم بعض من خالفنا لكان البائل في كوز أو قارورة والمتغوط في طشت ، أو أجانة إذا جلس في المسجد ينتظر الصلاة كان له أجر المصلي ، والمحدث إذا خرجت منه ريح لم يكن له أجر المصلي ، وإن جلس في المسجد بعد خروج الريح منه ينتظر الصلاة ، ومن فهم العلم وعقله ولم يعاند ولم يكابر عقله ، علم أن قوله : " يفسو أو يضرط " إنما أراد أن الفسا والضراط ينقضان طهر المتوضئ ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لمنتظر الصلاة بعد هذين الحدثين فضيلة المصلي ؛ لأنه غير متوضئ فكل منتظر الصلاة جالس في المسجد غير طاهر طهارة تجزيه الصلاة معها فحكمه حكم من خرجت منه ريح نقضت عليه الطهارة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					