الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 3197 ] 5117 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادفع بالتي هي أحسن قال : nindex.php?page=treesubj&link=32488_19548_19572الصبر عند الغضب ، nindex.php?page=treesubj&link=20043_20034_20033والعفو عند الإساءة ، فإذا فعلوا عصمهم الله وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم قريب . رواه البخاري تعليقا .
( قال ) أي : ابن عباس بيانا للخصلة ( nindex.php?page=treesubj&link=19572_18759الصبر عند الغضب ) : قيل المراد به غضب الغير ، فإنه سيئة منه فيقابله بالصبر الذي هو أحسن من مجازاته بالغضب ، ويمكن أن يكون المعنى : الله يصبر عند أثر ظهور الغضب ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=32488كظم الغيظ أحسن من إمضائه ( والعفو ) أي : عن المسيء ( عند الإساءة ) أي : وقت تحققها والواو بمعنى " أو " فإن كلا منهما من أفراد الخصلة التي هي أحسن ، وكأنه - رضي الله عنه - مثل بأقل المطلوب من السالك وإلا فالسادةالصوفية على المجازاة بأحسن ما يتصور له من أنواع الإحسان إليه من التواضع وتقبيل اليد والرجل وأمثال ذلك ، وبإعطاء البر المالي من قليل أو كثير ، وأقل المراتب أن يحلله ويدعو له بالتوبة والهداية ، وزاد بعضهم : الوعد له بالشفاعة يوم القيامة ، وهذه كلها خوارق عادات تطوي بساط كرامات ربما يكون تحتها غرور في بدايات أو نهايات ، ولذا قالوا : الاستقامة خير من ألف كرامة ، وقد ورد " nindex.php?page=hadith&LINKID=10355551شيبتني سورة هود " فقيل لما فيها من آية nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم كما أمرت وقيل لما فيها من وقائع الأمم والله أعلم . ( فإذا فعلوا ) أي : ما ذكر من المثالين وأمثالهما ( عصمهم الله ) أي : حفظهم من الزيغ والتعدي على أحبابهم ( وخضع لهم عدوهم ) أي : حياء منهم ورجعوا عن إساءتهم إليهم والغضب عليهم ( كأنه ) أي : العدو ، ويستوي فيه المفرد والجمع ( ولي ) أي : ناصرهم ( حميم ) : صديق يهتم لأمرهم وحاجتهم ويحمم بحرارتهم وحرقتهم ( قريب ) أي : ذو قرابة منهم .
والحاصل أن هذه الخصلة التي هي أحسن تقلب العداوة محبة ، وترفع الأخلاق الذميمة من الحقد والحسد والغيبة ونحوها . قال الطيبي : هذا التفسير على أن تكون ( لا ) في قوله تعالى : ( ولا السيئة ) مزيدة والمعنى لا تستوي الحسنة والسيئة ، فعلى هذا يراد بالتي هي أحسن التي هي حسنة ، فوضع الأحسن ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة ، وإذا لم تجعل لا مزيدة يكون المعنى أن الحسنة والسيئة متقارنتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها ، فإذا اعترضتك حسنات ، فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك ، ومثاله رجل أساء إليك إساءة ، فالحسنة أن تعفو عنه ، والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك مثل أن يذمك فتمدحه ، فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولي الحميم مصافاة لك . ( رواه البخاري تعليقا ) أي : بلا إسناد ، وتقدم أن ما علقه بصيغة المجهول ضعيف ، وما رواه بصيغة المعلوم صحيح ، والله أعلم .