الفصل الثالث
5861 - عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : حدثني من فيه إلى في ، قال : انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : بينا أنا أبو سفيان بن حرب بالشام إذ هرقل . قال : وكان جيء بكتاب من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جاء به فدفعه إلى عظيم دحية الكلبي بصرى ، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل . فقال هرقل : هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا : نعم ، فدعيت في نفر من قريش ، فدخلنا على هرقل ، فأجلسنا بين يديه ، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان : فقلت : أنا ، فأجلسوني بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا بترجمانه فقال : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذبني فكذبوه ، قال أبو سفيان : وايم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبته ، ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قال : قلت : هو فينا ذو حسب . قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت : لا . قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب في أن يقول ما قال : قلت : لا . قال : ومن يتبعه ، أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟ قال : قلت : بل ضعفاؤهم . قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت : لا بل يزيدون . قال : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قال : قلت : لا . قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم . قال فكيف كان قتالكم إياه ؟ قال : قلت : يكون الحرب بيننا وبينه سجالا ، يصيب منا ونصيب منه . قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا ، ونحن منه في هذه المدة ، لا ندري ما هو صانع فينا ؟ قال : والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قلت : لا . ثم قال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن حسبه فيكم ، فزعمت أنه فيكم ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها . وسألتك هل كان في آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك آبائه . وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟ فقلت : بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل . وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله . وسألتك : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب . وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه ، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه ، وكذلك . وسألتك هل يغدر ، فزعمت أنه لا يغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان قال هذا القول أحد قبله ، قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله . قال : ثم قال : بما يأمركم ؟ قلنا : يأمرنا بالصلاة ، والزكاة ، والصلة ، والعفاف ، قال : إن يك ما تقول حقا فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظنه منكم ، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي . ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأه . متفق عليه . وقد سبق تمام الحديث في ( باب الكتاب إلى الكفار ) . الرسل تبتلى ، ثم تكون لها العاقبة