الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

3378 - وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - : أن امرأة قالت : يا رسول الله ! إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني ، وأراد أن ينزعه مني . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنت أحق به ما لم تنكحي " . رواه أحمد ، وأبو داود .

التالي السابق


الفصل الثاني

3378 - ( عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو : أن امرأة قالت : يا رسول الله ( إن ابني هذا كان بطني له وعاء ) : بكسر أوله أي ظرفا حال حمله ( وثديي له سقاء ) بكسر أوله أي حال رضاعه ( وحجري ) بكسر أوله وفتح ذكره النووي وابن الهمام ( له ) : أي لابني حال فصاله وفطامه ( حواء ) : بالكسر أي مكانا يحويه ويحفظه ويحرسه ، قال ابن الهمام : الحواء بالكسر بيت من الوبر اهـ . فالكلام مبني على الاستعارة أو التشبيه البليغ ، وفي القاموس : الحجر مثلث المنع وحضن الإنسان ، وفي المشارق أجلسته في حجري بفتح الحاء وكسرها وهو الثوب والحضن ، وإذا أريد به المصدر فالفتح لا غير ، وإن أريد به الاسم فالكسر لا غير اهـ . ويؤيده أنه في أكثر النسخ المعتمدة بالكسر في هذا الموضع ، قال وقوله : ربيبتي في حجري ، وفي حجري ميمونة ، وما كان مثله بالفتح لا غير ومعناه الحضانة والتربية ( وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه ) بكسر الزاي أي يأخذه ( مني ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنت أحق به " ) : أي بولدك ( ما لم تنكحي ) : بفتح حرف المضارعة وكسر الكاف أي ما لم تتزوجي ، قال الطيبي رحمه الله : ولعل هذا الصبي ما بلغ سن التمييز فقدم الأم بحضانته ، والذي في حديث أبي هريرة يعني الآتي كان مميزا فخيره اهـ . وسيأتي الكلام عليه . ( رواه أحمد ، وأبو داود ) .

[ ص: 2210 ] قال ابن الهمام : ورواه الحاكم وصححه ، وعمرو هذا هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - فإذا أراد بجده محمدا كان الحديث مرسلا ، وإذا أراد به عبد الله كان متصلا ، فما لم ينص عليه يصير محتملا للإرسال والاتصال ، وهذا نص على جده عبد الله يعني : فتعين الاتصال وارتفع الإشكال ، ثم ظاهر هذا الحديث بإطلاقه دليل لنا ولأن الأم أشفق عليه أبدا لحكمة خصوص هذا الشرع ، وأقدر على الحضانة لقيامها بمصالحه ، كما أشار إليه الصديق على ما في موطأ مالك حدثنا يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد رحمه الله قال : كانت عند عمر امرأة من الأنصار ، فولدت له عاصما ، ثم فارقها عمر ، فركب يوما إلى قباء فمر فوجد ابنه يلعب بفناء المسجد ، فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة ، فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه فأقبلا حتى أتيا أبا بكر - رضي الله عنه - فقال عمر : ابني . وقالت المرأة : ابني . فقال أبو بكر : خل بينه وبينها . فما راجعه عمر الكلام ، وكذا رواه عبد الرزاق ، ورواه البيهقي وزاد ثم قال أبو بكر : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تولد والدة عن ولدها " . وفي مصنف ابن أبي شيبة : ثنا ابن إدريس ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، أن عمر بن الخطاب طلق جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبي ليلى فتزوجت ، فجاء عمر فأخذ ابنه فأدركته شموس ابنة عاصم الأنصارية ، وهي أم جميلة فأخذته ، فترافعا إلى أبي بكر فقال : خل بينها وبين ابنها . فأخذته . ولابن أبي شيبة عن عمر ، أنه طلق أم عاصم ثم أتى عليها وفي حجرها عاصم ، فأراد أن يأخذه فتجاذباه بينهما حتى بكى الغلام ، فانطلقا إلى أبي بكر ، فقال له : مسحها وحجرها وربحها خير له منك حتى يشب الصبي فيختار لنفسه .




الخدمات العلمية