الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4514 - عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10364700nindex.php?page=treesubj&link=1973_29703ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) . رواه البخاري .
الطب : بكسر أوله وهو المشهور ، وقال السيوطي : هو مثلث الطاء علاج الأمراض ، ومداره على ثلاثة أشياء : حفظ الصحة ، والاحتماء عن المؤذي ، واستفراغ الأخلاط والمواد الفاسدة اهـ . وفي أساس البلاغة : جاء فلان يستطب لوجعه أي يستوصف الطبيب قال :
nindex.php?page=treesubj&link=1973_29703لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها
.
nindex.php?page=treesubj&link=27533والرقى بضم الراء وفتح القاف جمع رقية ، وهي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك ، هذا وقد روى البزار عن عروة قال : قلت لعائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=10364701إني أجدك عالمة بالطب ، فمن أين ؟ فقالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثرت أسقامه ، فكانت أطباء العرب والعجم ينعتون له فتعلمت ذلك . قال السيوطي : والأحاديث المأثورة في علمه - صلى الله عليه وسلم - بالطب لا تحصى ، وقد جمع منها دواوين ، واختلف في مبدأ هذا العلم على أقوال كثيرة ، والمختار أن بعضه علم بالوحي إلى بعض أنبيائه ، وسائره بالتجارب لما روى البزار والطبراني عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10364702أن نبي الله سليمان كان إذا قام يصلي رأى شجرة ثابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك ؟ ، فتقول : كذا ، فيقول : لأي شيء أنت ؟ ، فتقول : لكذا ، فإن كانت لدواء كتبت ، وإن كانت من غرس غرست . الحديث . واعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=30455كل مصحح أو ممرض فبقدر الله تعالى يفعله عنده أو به ، فيه خلاف بين أهل السنة . ورجح الغزالي والسبكي الثاني ، روى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10364703سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=treesubj&link=17391_30455_28790أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقيها هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال : هي من قدر الله ؟ " .
الفصل الأول
4514 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ما أنزل الله ) : أي ما أحدث وأوجد ( داء ) : أي وجعا وبلاء ، ( إلا أنزل ) : أي قدر ( له شفاء ) : أي علاجا ودواء . قال الطيبي : أي ما أصاب الله أحدا بداء إلا قدر له دواء . ( رواه البخاري ) : وكذا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . وفي لفظ للبخاري : " إلا أنزل له الدواء " . وروى أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ولفظه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10364704إن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له شفاء nindex.php?page=treesubj&link=17409_17414_17344فعليكم بألبان البقر ; فإنها ترم من كل الشجر " . ورواه الحاكم عن ابن مسعود ولفظه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10364705إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء إلا الهرم فعليكم بألبان البقر ; فإنها ترم من كل الشجر " اهـ . وفيه إشارة إلى تركيب المعاجين لما في الجمعية من حصول الاعتدال ، وفي التنزيل أيضا إيماء إلى ذلك في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=69ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ، هذا وروى أحمد عن أنس بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=10364706إن الله تعالى حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا . وروى الحاكم والبزار عن أبي سعيد : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10364707nindex.php?page=treesubj&link=1973_17338إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علم ذلك من علم وجهل ذلك من جهل إلا السام " . قالوا : يا نبي الله وما السام ؟ قال : " الموت " . واعلم أن في هذه الأحاديث nindex.php?page=treesubj&link=1973تقوية لنفس المريض والطبيب وحثا على طلب الدواء وتخفيفا للمريض ، فإن النفس إذا استوشفت أن لدائها دواء يزيد قوى رجائها ، وانبعث حارها الغريزي ، فتقوى الروح النفسانية والطبيعية والحيوانية بقوة هذه الأرواح تقوى القوى الحاملة لها فتدفع المرض وتقهره ، والمراد بالإنزال التقدير ، أو إنزال علمه على لسان تلك الأنبياء ، أو إلهام من يعتد بإلهامه من الأولياء على أن الأدوية المعنوية كصدق الاعتماد على الله تعالى ، والتوكل عليه ، والخضوع بين يديه ، وتفويض الأمر إليه مع الصدقة والإحسان ، والتفريج عن الكرب أصدق فعلا وأسرع نفعا من الأدوية الحسية ، لكن بشرط تصحيح النية ، ومن ثم ربما يتخلف الشفاء عمن استعمل طب النبوة لمانع قام به من ضعف اعتقاد الشفاء به ، وتلقيه بالقبول ، وهذا هو السبب أيضا في عدم نفع القرآن الكثيرين ، مع أنه شفاء لما في الصدور ، وقد طب - صلى الله عليه وسلم - كثيرا من الأمراض ، ومحل بسطها الطب النبوي ، وسائر السير من كتاب المواهب للقسطلاني ، وزاد المعاد لابن قيم الجوزية وغيرهما .