[ حكم  فصل مضاف أسماء الله ورسوله وصحبه      ] :  
  ( وكرهوا ) ; أي : أهل الحديث في الكتابة ( فصل مضاف اسم الله )   كعبد ( منه ) أي : من الاسم الكريم ، فلا يكتبون التعبيد في آخر سطر ، والله أو الرحمن أو الرحيم مع ما بعده ، وهو ابن فلان مثلا ( بـ ) أول ( سطر ) آخر ، احترازا عن قباحة الصورة وإن كان غير مقصود .  
وهذه الكراهة للتنزيه ، وإن روى  الخطيب  في " جامعه "  من طريق   أبي عبد الله بن بطة العكبري     - بفتح الموحدة من أبيه ونسبته - أنه قال : وفي الكتاب - يعني - من لا يتجنبه أو هو غلط - أي : خطأ قبيح - فيجب على الكاتب أن يتوقاه ويتأمله ويتحفظ منه     .  
وقال  الخطيب     : إن ما قاله صحيح ، فيجب اجتنابه لحمل شيخنا له على التأكيد للمنع ، ولا شك في تأكده لا سيما إذا كان التعبيد آخر      [ ص: 65 ] الصفحة اليسرى ، والاسم الكريم وما بعده أول الصفحة اليمنى ، فإن الناظر إذا رآه كذلك ربما لم يقلب الورقة ويبتدئ بقراءته كذلك بدون تأمل ، وكذا إذا كان عزمه عدم حبك الكتاب ، وكان ابتدأ ورقه لعدم الأمن من تقليب أوراقه وتفرقها ، ولكن لا يرتقي في كل هذا إلى الوجوب ، إلا إن اقترن بقصد فاسد ، كإيقاع لغيره في المحذور ، ويتأيد ما جنح إليه شيخنا بتصريح  ابن دقيق العيد  في " الاقتراح " بأن ذلك أدب ، بل ونصره  العز بن جماعة     .  
وكرسول من رسول الله فلا يكتب رسول في آخر سطر ، واسم الله مع الصلاة في أول آخر ، فقد كرهه  الخطيب  أيضا وقال : إنه ينبغي التحفظ منه . وتبعه   ابن الصلاح  فجزم بالكراهة فيه وفيما أشبهه .  
ويلتحق به - كما قال المصنف - أسماء النبي صلى الله عليه وسلم كقوله :  ساب النبي صلى الله عليه وسلم كافر     . وكذا أسماء الصحابة رضي الله عنهم كقوله :  قاتل  ابن صفية  في النار  يعني  بابن صفية . الزبير بن العوام  ، فلا يكتب " ساب " أو " قاتل " في آخر سطر وما بعده في أول آخر ، بل ولا اختصاص للكراهة بالفصل بين المضاف والمضاف إليه ، فلو      [ ص: 66 ] وجد المحذور في غير ذلك مما يستشنع ، كقوله في شارب الخمر الذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثمل  فقال  عمر     : " أخزاه الله ، ما أكثر ما يؤتى به "  وكقوله : " الله ربي لا أشرك به شيئا " . بأن كتب " فقال " أو " لا " في آخر سطر ، وما بعده في أول آخر ; كانت الكراهة أيضا ، ومحلها في ذلك كله ( إن يناف ) بالفصل ( ما تلاه ) من اللفظ كالأمثلة المذكورة .  
فأما إذا لم يكن في شيء منه بعد اسم الله عز وجل أو اسم نبيه صلى الله عليه وسلم أو اسم الصحابي رضي الله عنه ما ينافيه ، بأن يكون الاسم آخر الكتاب أو آخر الحديث ، ونحو ذلك ، أو يكون بعده شيء ملائم له غير مناف ، فلا بأس بالفصل ، نحو قوله في آخر   البخاري     ( سبحان الله العظيم ) فإنه إذا فصل بين المضاف والمضاف إليه كان أول السطر : الله العظيم . ولا منافاة في ذلك ، ومع هذا فجمعهما في سطر واحد أولى .  
بل صرح بعض المتأخرين بالكراهة في فصل مثل أحد عشر لكونهما بمنزلة اسم واحد ; أخذا من  قول  النحاس  في " صناعة الكتاب " : وكرهوا  جعل بعض الكلمة في سطر وبعضها في أول سطر      ; فتكون مفصولة     .  
				
						
						
