33 - واستخرجوا على الصحيح كأبي عوانة ونحوه واجتنب 34 - عزوك ألفاظ المتون لهما
إذ خالفت لفظا ومعنى ربما 35 - وما يزيد فاحكمن بصحته
فهو مع العلو من فائدته 36 - والأصل يعني البيهقي ومن عزا
وليت إذ زاد الحميدي ميزا
والاستخراج أن يعمد حافظ إلى صحيح مثلا ، فيورد أحاديثه حديثا حديثا بأسانيد لنفسه ، غير ملتزم فيها ثقة الرواة ، وإن شذ بعضهم حيث جعله شرطا ، من غير طريق البخاري إلى أن يلتق معه في شيخه ، أو في شيخ شيخه ، وهكذا ولو في الصحابي كما صرح به بعضهم . البخاري
لكن من علو ، أو زيادة حكم مهم ، أو نحو ذلك . لا يسوغ للمخرج العدول عن الطريق التي يقرب اجتماعه مع مصنف الأصل فيها إلى الطريق البعيدة إلا لغرض
ومقتضى الاكتفاء بالالتقاء في الصحابي أنهما لو اتفقا في الشيخ مثلا ، ولم يتحد سنده عندهما ، ثم اجتمع في الصحابي إدخاله فيه ، وإن صرح بعضهم بخلافه ، وربما عز على الحافظ وجود بعض الأحاديث فيتركه أصلا ، أو يعلقه عن بعض رواته ، أو يورده من جهة مصنف الأصل .
[ ص: 58 ] ( و ) قد ( استخرجوا ) أي : جماعة من الحفاظ ( على الصحيح ) لكل من البخاري ومسلم الذي انجر الكلام بسببهما إلى بيانه ، وإلا فقد استخرجوا على غيرهما من الكتب .
والذين تقيدوا بالاستخراج على الصحيح جماعة ( كـ ) الحافظ ( أبي عوانة ) بالصرف للضرورة ، ، استخرج على يعقوب بن إسحاق الإسفراييني الشافعي مسلم ( ونحوه ) أي : أبي عوانة ، كالحفاظ الشافعية : على أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الإسماعيلي فقط ، البخاري ، بتثليث الموحدة ، وأحمد بن محمد بن أحمد الخوارزمي البرقاني ، كلاهما عليهما ، وهما في عصر واحد ، والذي قبلهما شيخ أولهما ، وهو تلميذ وأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني أبي عوانة .
ولذا خص بالتصريح به ، ولم يلاحظ كون غيره استخرج على الصحيحين ، أو على الذي هو أعلى ، لا سيما وهو مناسب للباب قبله لما اختص به كتابه من زيادات متون مستقلة ، وطرق متعددة غير ما اشترك مع غيره فيه [ من زيادة مستقلة في أحاديثهما ونحوها كما بينته قريبا ] . البخاري
وإنما وقعت الزيادات في المستخرجات لعدم التزام مصنفيها لفظ الصحيحين .
( و ) لهذا قيل للناقل ( اجتنب عزوك ألفاظ المتون ) أي : الأحاديث التي تنقلها منها ( لهما ) أي : للصحيحين ، فلا تقل حيث تورده للحجة كالتصنيف على الأبواب ، [ ص: 59 ] حسبما قيده ابن دقيق العيد : أخرجه البخاري ومسلم بهذا اللفظ ، إلا بعد مقابلته أو تصريح المخرج بذلك .
( إذ ) قد ( خالفت ) المستخرجات ( لفظا ) كثيرا لتقيد مؤلفيها بألفاظ رواياتهم ( و ) كذا ( معنى ) غير مناف ( ربما ) خالفت أي : قليلا .
( و ) إذا كان كذلك ، فانظر ( ما تزيد ) بالمثناة الفوقانية ، أو التحتانية أي : المستخرجات أو المستخرج .
( فاحكمن ) بنون التوكيد الخفيفة ( بصحته ) ، بشرط ثبوت الصفات المشترطة في الصحة للرواة الذين بين المخرج والراوي الذي اجتمعا فيه ، كما يرشد إليه التعليل بأنها خارجة من مخرج الصحيح ، فالمستخرجون ليس جل قصدهم إلا العلو ، يجتهدون أن يكونوا هم والمخرج عليه سواء ، فإن فاتهم فأعلى ما يقدرون عليه - كما صرح به بعض الحفاظ - مما يساعده الوجدان .
وقد لا يتهيأ لهم علو فيوردونه نازلا ، وإذا كان القصد إنما هو العلو ووجدوه ، فإن اتفق فيه شرط الصحيح فذاك الغاية ، وإلا فقد حصلوا على قصدهم ، فرب حديث أخرجه من طريق بعض أصحاب البخاري عنه مثلا ، فأورده المخرج من طريق آخر ممن تكلم فيه عن الزهري بزيادة ، فلا يحكم لها حينئذ بالصحة . الزهري
وقد خرج الإسماعيلي في مستخرجه لإبراهيم بن الفضل المخزومي ، وهو ضعيف عندهم ، وأبو نعيم لمحمد بن الحسن بن زبالة ، وقد اتهموه ، وإذا حكمت بالصحة بشرطها وعدم منافاتها ، ( فهو ) أي : الحكم بالصحة للزيادة الدالة على حكم لا يدل له حديث الأصل ، أو الموضحة لمعنى لفظه ( مع ) ما تشتمل عليه المستخرجات من ( العلو ) الذي هو - كما قرر - قصد المخرج في أحاديث [ ص: 60 ] الكتاب بالنسبة لما لو أورده من الأصل .
مثاله حديث في جامع عبد الرزاق ، فلو رواه أبو نعيم مثلا من طريق أحد الشيخين ، لم يصل إليه إلا بأربعة ، وإذا رواه عن عن الطبراني عنه ، وصل باثنين ( من فائدته ) أي : الاستخراج إلى غير ذلك من الفوائد التي أوردت منها في النكت نحو العشرين . إسحاق بن إبراهيم الدبري
ثم إن أصحاب المستخرجات غير منفردين بصنيعهم ، بل أكثر المخرجين للمشيخات والمعاجم ، وكذا للأبواب ، يوردون الحديث بأسانيدهم ، ثم يصرحون بعد انتهاء سياقه غالبا بعزوه إلى أو البخاري مسلم ، أو إليهما معا ، مع اختلاف الألفاظ وغيرها ، يريدون أصله .
( و ) لذلك ( الأصل ) بالنصب مفعول مقدم ، لا الألفاظ ( يعني ) الحافظ الفقيه ناصر السنة أبا بكر أحمد بن الحسين ، ( البيهقي ) نسبة لـ " بيهق " قرى مجتمعة بنواحي نيسابور ، في تصانيفه ، " كـالسنن الكبرى " " والمعرفة " . الشافعي
( ومن عزا ) للشيخين أو أحدهما ; كالإمام في شرح السنة وغيره ، ممن أشرت إليهم ، وذلك في المشيخات ونحوها أسهل منه في الأبواب ، خصوصا مع تفاوت المعنى ، وكون القصد بالتبويب منه ليس عند صاحب الصحيح ، ولذلك استنكره محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي الفقيه الشافعي ابن دقيق العيد فيها .
ولكن جلالة البيهقي ووفور إمامته تمنع ظن ارتكابه المحذور منه ، [ ولو [ ص: 61 ] بمجرد الصحة ، إن لم يكن على شرط المعزو إليه أو فيه ] ، وعلى تقدير تجويز ذلك في غيره .
فالإنكار فيه أخف ممن عمد إلى الصحيحين ، فجمع بينهما لا على الأبواب ، بل على مسانيد الصحابة بحذف أسانيدهم ، ويدرج في أثناء أحاديثهما ألفاظا من المستخرجات وغيرها ; لأن موضوعه الاقتصار عليهما ، فإدخال غير ذلك مخل .
( وليت إذ زاد ) ) بالتصغير نسبة لجده الأعلى الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي نصر ( الحميدي حميد الأندلسي القرطبي فاعل ، ذلك في جمعه ( ميزا ) فإنه ربما يسوق الحديث الطويل ناقلا له من مستخرج أو غيره ، ثم يقول : اختصره البرقاني ، فأخرج طرفا منه ، ولا يبين القدر المقتصر عليه ، فيلتبس على الواقف عليه ، ولا يميزه إلا بالنظر في أصله ، ولكنه في الكثير يميز بأن يقول بعد سياق الحديث بطوله : اقتصر منه البخاري على كذا ، وزاد فيه البخاري مثلا كذا . البرقاني
ولأجل هذا وما يشبهه ، انتقد ابن الناظم وشيخنا دعوى عدم التمييز ، خصوصا وقد صرح العلائي ببيان الحميدي للزيادة ، وهو كذلك ، لكن في بعضها ما لا يتميز كما قررته ، وبالجملة فيأتي في النقل منه ومن البيهقي ونحوه ما سبق في المستخرجات .