[ كيف يستدرك ما درس في الكتاب ؟ ] :
( و ) كذا ( صححوا ) أي : أهل الحديث ، ( أو نحوهما ، ( من ) كتاب آخر ( غيره إن يعرف ) المستدرك ( صحته ) أي ذاك الكتاب ، بأن يكون صاحبه ثقة ممن أخذه عن شيخه ، أو نحو ذلك ، بحيث تسكن نفسه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابه ، فقد فعله نعيم بن حماد وغيره ، إذا كان الساقط ( من بعض متن أو ) بعض ( سند ) كما قيده استدراك ما درس في كتابه ) بتقطيع أو بلل الخطيب ومن تبعه ، وكذا ولو كان أكثر حيث اتحد الطريق في المروي ، ولم تتنوع المرويات ، بناء على الاكتفاء بذلك في المقابلة والرواية كما تقرر في محله .
[ ص: 176 ] وامتنع من مطلق الاستدراك ، فإنه أبو محمد بن ماسي منها فلم ير أن يستدرك المحترق منها . احترقت بعض كتبه ، وأكلت النار بعض حواشيها ، ووجد نسخا
قال الخطيب : واستدراك مثل هذا عندي جائز . يعني بشرطه المتقدم . ( كما ) يجوز فيما ( إذا ) شك الراوي في شيء ، و ( ثبته ) فيه ( من يعتمد ) عليه ثقة وضبطا ، من حفظه أو كتابه ، أو أخذه هو من كتابه ، حسبما فعله عاصم ، وأبو عوانة ، ، ويزيد بن هارون وأحمد ، ، وغيرهم ، إذ لا فرق ، ( وحسنوا ) فيهما ( البيان ) كما صرح به وابن معين الخطيب في الأولى ، وحكاه في الثانية عن فإنه قال : أنا يزيد بن هارون عاصم ، وثبتني فيه شعبة . وعن فإنه قال : حدثنا ابن عيينة ، وثبتني فيه الزهري معمر . وممن فعله . ابن خزيمة
وقال في باب تعديل النساء بعضهن بعضا : حدثنا البخاري ، وأفهمني بعضه أبو الربيع سليمان بن داود أحمد بن يونس ، ثنا فليح . وساق الحديث ، واختلف : هل أحمد رفيق أبي الربيع في الرواية عن فليح ، ويكون حمله عنهما جميعا على الكيفية المذكورة ، أو رفيق البخاري في الرواية عن البخاري أبي الربيع ؟ ولكن لسنا بصدد بيانه هنا .
وفي باب تشبيك الأصابع في المسجد قبيل المساجد التي على طرق المدينة من ( صحيح ) أيضا من حديث البخاري عاصم بن علي ، ثنا عاصم بن محمد - هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - قال : سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه ، فقومه لي واقد ، يعني أخاه ، عن أبيه - هو محمد بن [ ص: 177 ] زيد - قال : سمعت أبي - هو زيد بن عبد الله بن عمر - وهو يقول : قال عبد الله - يعني أباه - : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا ، كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس عبد الله بن عمرو ؟ ) ، وفي باب قوله : ( واجتنبوا قول الزور ) من الأدب أورد حديثا عن أحمد بن يونس عن ، ثم قال في آخره : قال ابن أبي ذئب أحمد : أفهمني رجل إسناده .
وأخرج أبو داود الحديث المشار إليه عن أحمد بن يونس ، لكنه عكس فقال في آخره : قال أحمد : فهمت إسناده من ، فأفهمني الحديث رجل إلى جنبه ، أراه ابن أخيه . ابن أبي ذئب
وهكذا أخرجه الإسماعيلي عن ، عن إبراهيم بن شريك أحمد بن يونس . قال شيخنا : فيحمل على أن ابن يونس حدث به على الوجهين .
وفي باب ( قوموا إلى سيدكم ) من الاستئذان ساق حديثا عن أبي الوليد ، ثم قال في آخره : أفهمني بعض أصحابي عن أبي الوليد . ونحو هذا قول بعد قوله : ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن عمر أهل اليمن من يلملم ) لم أفقه هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . وصار يروي هذه الجملة عن غيره مع كونه سمعها ، لكن لم يفقهها . ويهل
وفي ( ) أيضا في أواخر الأحكام عن البخاري رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( جابر بن سمرة قريش ) . يكون اثنا عشر أميرا ) فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنه قال : ( كلهم من
وأخرجه أبو داود بلفظ : ( ) قال : فكبر الناس وضجوا ، فقال كلمة خفية ، وفي لفظ : كلاما لم أفهمه ، فقلت لأبي : يا أبه ، ما قال ؟ فذكره . لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة
وأصله عند [ ص: 178 ] مسلم دون قوله : ( فكبر الناس وضجوا ) .
ووقع عند من وجه آخر : فالتفت فإذا أنا الطبراني بعمر بن الخطاب وأبي في أناس ، فأثبتوا لي الحديث .
على أنه روي بدون بيان ، ولكن هذا أرجح ، وعن وغيره من الصحابة كما أشار إليه عقبة بن عامر ابن كثير نحوه .
وروى عن الشافعي مالك رحمهما الله حديث في الصرف بلفظ : حتى يأتي خازني من الغابة . أو قال : جاريتي . ثم قال : أنا شككت ، وقد قرأته على مالك بن أوس بن الحدثان مالك صحيحا لا شك فيه ، ثم طال علي الزمان ولم أحفظ حفظا ، فشككت في جاريتي أو خازني ، وغيري يقول عنه : خازني .
وقد تقدم شيء مما نحن فيه في الفرع الخامس من الفروع التالية لثاني أقسام التحمل ، وهذا الفرع مما يفترق فيه الرواية مع الشهادة ، وإن استدل بعضهم لأصله بقوله تعالى : فتذكر إحداهما الأخرى فإن بين ولم يعين من ثبته فلا بأس ، كما في بعض هذه الأمثلة ، وقد فعله أبو داود أيضا في ( سننه ) عقب حديث الحكم بن حزن الكلفي فقال : ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا .
( وكـ ) مسألة ( المستشكل كلمة ) من غريب العربية أو غيرها ; لكونه وجدها ( في أصله ) غير مقيدة ، ( فليسأل ) أي فلأجل ذلك يسأل عنها أهل العلم بها واحدا فأكثر ، وليروها على ما يخبر به ، وقد أمر أحمد بذلك ، فإنه سئل عن حرف فقال : سلوا عنه أصحاب الغريب ، فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن . وسيأتي في الغريب .
وروى الخطيب في ذلك عنه أن رجلا قال له : [ ص: 179 ] يا أبا عبد الله ، الرجل يكتب الحرف من الحديث لا يدري أي شيء هو ، إلا أنه قد كتبه صحيحا ; أيريه إنسانا فيخبره به ؟ فقال : لا بأس .
وعن قال : كان أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني النحوي عفان يجيء إلى الأخفش وإلى أصحاب النحو ، فيعرض عليهم الحديث يعربه ، فقال له الأخفش : عليك بهذا . يعني أبا حاتم .
قال أبو حاتم : فكان عفان بعد ذلك يجيئني حتى عرض علي حديثا كثيرا .
وعن أنه كان يعطي كتبه إذا كان فيها لحن لمن يصححها . الأوزاعي
وعن قال : إذا سمعتم مني الحديث فاعرضوه على أصحاب العربية ، ثم أحكموه . وعن ابن المبارك أنه كان إذا شك في الكلمة يقول : أهاهنا فلان ؟ كيف هذه الكلمة . ابن راهويه
وسمع سعيد بن شيبان - وكان عالما بالعربية - وهو يقول : " تعلق من ثمار الجنة " . بفتح اللام ، فقال له : " تعلق " يعني بضمها من " علق " ، يعني بفتح اللام ، فرجع ابن عيينة إليه . ابن عيينة
وسمع الأصمعي شعبة وهو في مجلسه يقول : " فيسمعون جرش طير الجنة " قاله بالشين المعجمة ، .
فقال له : جرس . يعني بالمهملة . الأصمعي
فقال شعبة : خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا .
وسمع شيخ الشافعية أبو محمد عبد الله بن محمد البافي أحد أئمة الشافعية أيضا يقول في تدريسه : إذا أزفت الحدود فلا شفعة . أبا القاسم الداركي
فسأل عنها ابن جني النحوي فلم يعرفها ، فسأل فقال : أرفت ، يعني بالراء والفاء المشددة ، والأرف المعالم ، يريد إذا ثبتت الحدود وعينت المعالم وميزت فلا شفعة . المعافى بن زكريا
إذا علم هذا فمن أراد الاستثبات من غيره عن شيء عرض له فيه شك ، فلا يذكر [ ص: 180 ] له المحل المشكوك فيه ابتداء خوفا من أن يتشكك فيه أيضا ، بل يذكر له طرف ذاك الحديث فهو غالبا أقرب في حصول الأرب .