[ مسلم وغيره بهذه المسألة ] : اعتناء
وقد اشتدت عناية مسلم ببيان ذلك حتى في الحرف من المتن وصفة الراوي ونسبه ، وربما ، كما قدمته ، في الرواية بالمعنى كان بعضه لا يتغير به معنى ، وربما كان في بعضه تغير ، ولكنه خفي لا يتفطن له إلا من هو في العلوم بمكان .
واستحسن له قوله : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة جميعا ، عن وزهير بن حرب . قال ابن عيينة أبو بكر : ثنا . من أجل أن إعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة يشعر كما قال سفيان بن عيينة بأن اللفظ المذكور له . ابن الصلاح
ويتأيد بقوله في [ ص: 182 ] موضع آخر : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير جميعا ، عن وزهير بن حرب . قال حفص بن غياث ثنا ابن نمير : حفص . عن محمد بن زيد ، عن عمير مولى آبي اللحم قال : كنت مملوكا ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ) . أتصدق من مال موالي بشيء ؟ قال : ( نعم ، والأجر بينكما نصفان
فإن لفظ أبي بكر - كما في ( مصنفه ) - حفص ، بدون صيغة ، وساق سنده قال : كنت عبدا مملوكا ، وكنت أتصدق فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان مولاي ينهاني ، أو سأله فقال : ( الأجر بينكما ) . ولفظ زهير كما عند أبي يعلى في ( مسنده ) عنه : حدثنا حفص . وساق سنده ، قال : ) . كنت مملوكا ، وكنت أتصدق بلحم من لحم مولاي ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( تصدق ، والأجر بينكما نصفان
وعن أبي يعلى أورده في ( صحيحه ) ، فانحصر كون اللفظ لمن أعاده ثانيا ، في أمثلة لذلك لا نطيل بها ، وربما لا يصرح برواية الجميع عن شيخهم ، كقوله : ثنا ابن حبان أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم ، قال أبو بكر : ثنا : ثنا يحيى بن آدم حسن بن عياش .
وربما تكون الإعادة لأجل الصيغة حيث يكون بعضهم بالعنعنة ، وبعضهم بالتحديث أو الإخبار ، وعليه ; فتارة يكون اللفظ متفقا ، وتارة مختلفا .
وكثيرا ما ينبه أبو داود وغيره على التوافق في المعنى في الجملة من غير تعيين صاحب اللفظ كقوله : ثنا ، ابن حنبل ، وعثمان بن أبي شيبة ومسدد ، المعنى . وربما قال : المعنى واحد . كقوله : ثنا أحمد بن حنبل ، المعنى واحد . وهي أوضح ، فربما يتوهم غير المميز كونه المعني ، بكسر النون نسبة [ ص: 183 ] لمعن . ويتأكد حيث لم يقرن مع الراوي غيره . ويحيى بن معين
وقد يكون في حديث أحد الراويين أتقن ، كقول أبي داود : ثنا أبو الوليد الطيالسي ، وأنا لحديثه أتقن . وهدبة بن خالد
وممن سبق مسلما لنحو صنيعه شيخه ، فهو حريص على تمييز الألفاظ في السند والمتن . الإمام أحمد
وقد ينشأ عن بعضه لمن لم يتدبر إثبات راو لا وجود له ، ومنه قول أحمد : حدثنا . يزيد بن هارون ، قالا : أنا وعباد بن عباد المهلبي هشام ، قال عباد : ابن زياد . حيث ظن بعض الحفاظ أن زيادا هو والد عباد ، وليس كذلك ، بل هو والد هشام ، اختص عباد بزيادته عن رفيقه يزيد .
ونحوه قوله أيضا : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن ، عن ربعي بن حراش أبي الأبيض - قال حجاج : رجل من بني عامر - عن أنس . فذكر حديثا . فليس قوله : رجل من بني عامر وصفا لحجاج ، بل هو مقوله وصف به أبا الأبيض ، انفرد بوصفه له بذلك عن رفيقه ، أحد شيخي وحجاج هو ابن محمد أحمد فيه ، وأمثلة ذلك كثيرة .