[ ص: 159 ] قالوا حديث يدفعه النظر وحجة العقل .
7 - . الطعن بالأنبياء
قالوا : رويتم عن عن الزهري أبي سلمة عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أبي هريرة إبراهيم ، ورحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد ، ولو دعيت إلى ما دعي إليه يوسف لأجبت . قالوا : وهذا طعن على أنا أحق بالشك من أبي إبراهيم وطعن على لوط وطعن على نفسه - عليهم السلام .
قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس فيه شيء مما ذكروا بحمد الله تعالى ونعمته ، فأما قوله أنا أحق بالشك من أبي إبراهيم - عليه السلام - فإنه لما نزل عليه : وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال قوم سمعوا الآية : شك إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يشك نبينا - صلى الله عليه وسلم . [ ص: 160 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إبراهيم - عليه السلام - تواضعا منه وتقديما أنا أحق بالشك من أبي لإبراهيم على نفسه ، يريد أنا لم نشك ونحن دونه ، فكيف يشك هو ؟ .
وتأويل قول إبراهيم - عليه السلام - ولكن ليطمئن قلبي أي : يطمئن بيقين النظر .
: أحدهما يقين السمع ، والآخر يقين البصر ، ويقين البصر أعلى اليقينين ، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : واليقين جنسان ليس المخبر كالمعاين حين ذكر قوم موسى وعكوفهم على العجل .
قال : أعلمه الله تعالى أن قومه عبدوا العجل فلم يلق الألواح ، فلما عاينهم عاكفين غضب وألقى الألواح ، حتى انكسرت وكذلك المؤمنون بالقيامة والبعث والجنة والنار مستيقنون أن ذلك كله حق ، وهم في القيامة عند النظر والعيان أعلى يقينا ، فأراد إبراهيم - عليه السلام - أن يطمئن قلبه بالنظر الذي هو أعلى اليقينين .
وأما قوله : لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد رحم الله فإنه أراد قوله لقومه : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد يريد سهوه في هذا الوقت الذي ضاق فيه صدره ، واشتد جزعه بما دهمه من قومه ، حتى قال : أو آوي إلى ركن شديد وهو يأوي إلى الله تعالى أشد الأركان . [ ص: 161 ] قالوا : فما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه .
وأما قوله لو دعيت إلى ما دعي إليه يوسف لأجبت يعني : حين دعي للإطلاق من الحبس بعد الغم الطويل فقال للرسول ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ولم يخرج من الحبس في وقته ، يصفه بالأناة والصبر .
وقال لو كنت مكانه ثم دعيت إلى ما دعي إليه من الخروج إلى الحبس لأجبت ولم أتلبث .
وهذا أيضا جنس من تواضعه لا أنه كان عليه ، لو كان مكان يوسف فبادر وخرج ، أو على يوسف - لو خرج من الحبس مع الرسول - نقص ولا إثم ، وإنما أراد أنه لم يكن يستثقل محنة الله - عز وجل - له فيبادر ويتعجل ، ولكنه كان صابرا محتسبا .