[ ص: 224 ] قالوا حديثان مختلفان .
28 - . النية والعمل
قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ثم رويتم : من هم بحسنة ولم يعملها ، كتبت له حسنة واحدة ومن عملها كتبت له عشرا نية المرء خير من عمله فصارت النية في الحديث الأول دون العمل وصارت في الحديث الثاني خيرا من العمل ، وهذا تناقض واختلاف .
قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس هاهنا تناقض بحمد الله تعالى ، والهام بالحسنة إذا لم يعملها خلاف العامل لها ، لأن الهام لم يعمل والعامل لم يعمل حتى هم ثم عمل .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - نية المرء خير من عمله فإن الله تعالى يخلد المؤمن في الجنة بنيته لا بعمله ، ولو جوزي بعمله لم يستوجب التخليد ، لأنه عمل في سنين معدودة . [ ص: 225 ] والجزاء عليها يقع بمثلها وبأضعافها .
وإنما يخلده الله تعالى بنيته لأنه كان ناويا أن يطيع الله تعالى أبدا لو أبقاه أبدا ، فلما اخترمه دون نيته جزاه عليها . وكذلك الكافر نيته شر من عمله لأنه كان ناويا أن يقيم على الكفر لو أبقاه أبدا ، فلما اخترمه الله تعالى دون نيته جزاه عليها .