[ ص: 233 ] قالوا حديثان متناقضان .
31 - . قتال المسلم
قالوا : رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ثم رويتم : من قتل دون ماله فهو شهيد كن حلس بيتك ، فإن دخل عليك فادخل مخدعك ، فإن دخل عليك ، فقل بؤ بإثمي وإثمك ، وكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ، فإن الله تعالى ضرب لكم يا بني آدم مثلا فخذوا خيرهما ودعوا شرهما قالوا : وهذا خلاف الحديث الأول .
قال أبو محمد : ونحن نقول : إن لكل حديث موضعا غير موضع الآخر ، فإذا وضعا بموضعيهما زال الاختلاف ، لأنه أراد بقوله من قاتل اللصوص عن ماله حتى يقتل في منزله وفي أسفاره . من قتل دون ماله فهو شهيد
[ ص: 234 ] ولذلك قيل في حديث آخر : " إذا رأيت سوادا في منزلك فلا تكن أجبن السوادين " . يريد : تقدم عليه بالسلاح فهذا موضع الحديث الأول .
وأراد بقوله : كن حلس بيتك فإن دخل عليك فادخل مخدعك فإن دخل عليك فقل بؤ بإثمي وإثمك وكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل أي افعل هذا في زمن الفتنة واختلاف الناس على التأويل وتنازع سلطانين كل واحد منهما يطلب الأمر ويدعيه لنفسه بحجة ، يقول : فكن حلس بيتك في هذا الوقت ، ولا تسل سيفا ولا تقتل أحدا ، فإنك لا تدري من المحق من الفريقين ومن المبطل ، واجعل دمك دون دينك . وفي مثل هذا الوقت قال : القاتل والمقتول في النار .
فأما قوله تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإنه أمر بذلك الجميع منا بعد الإصلاح وبعد البغي ، وأمر الواحد والاثنين والثلاثة إذا لم يجتمع ملؤنا على الإصلاح بينهما ، أن نلزم منازلنا ونقي أدياننا بأموالنا وأنفسنا .