[ ص: 56 ] عمير بن وهب الجمحي
( 117 ) حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ثنا ، عن ابن لهيعة أبي الأسود ، عن عروة ، قال : مكة من بدر وقد قتل الله تعالى من قتل منهم ، أقبل عمير بن وهب حتى جاء إلى في صفوان بن أمية الحجر فقال صفوان : قبح الله العيش بعد قتلى بدر ، فقال عمير : أجل ، والله ما في العيش خير بعد ، ولولا دين علي لا أجد له قضاء وعيالي ورائي لا أجد لهم شيئا لدخلت على محمد فلقتلته إن ملأت عيني منه ، فإن لي عندهم علة أقول : قدمت على ابني هذا الأسير ففرح صفوان بقوله فقال : علي دينك وعيالك أسوة عيالي في النفقة إن يسعني شيء ونعجز عنهم ، فحمله صفوان وجهزه بسيف صفوان فصقل وسم وقال عمير لصفوان : اكتمني ليالي ، فأقبل عمير حتى قدم المدينة فنزل باب المسجد ، وعقل راحلته وأخذ السيف لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر إليه وهو في نفر من عمر بن الخطاب الأنصار يتحدثون عن وقعة بدر ويشكرون نعمة الله فلما رأى عمر عمير بن وهب معه السيف فزع منه فقال : عندكم الكلب هذا عدو الله الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم ، فقام عمر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد معه السلاح وهو الفاجر الغادر يا رسول الله ، لا تأمنه قال : " أدخله علي " فدخل عمر وعمير وأمر أصحابه أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يحترسوا من عمير إذا دخل عليهم ، فأقبل عمر بن الخطاب وعمير بن وهب فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع عمر سيفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر : " تأخر عنه " ، فلما دنا منه حياه عمير أنعم صباحا - وهي تحية أهل الجاهلية - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " ، فقال قد أكرمنا الله عز وجل عن تحيتك وجعل تحيتنا السلام وهي تحية أهل [ ص: 57 ] الجنة عمير : إن عهدك بها لحديث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد بدلنا الله خيرا منها ، فما أقدمك يا عمير ؟ " قال : قدمت في أسيري عندكم فقاربوني في أسيري فإنكم العشيرة والأهل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما بال السيف في رقبتك ؟ " فقال عمير : قبحها الله من سيوف فهل أغنت عنا من شيء ، أنا نسيته وهو في رقبتي حين نزلت ولعمري إن لي غيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اصدقني ما أقدمك ؟ " قال : ما قدمت إلا في أسيري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما شرطت في لصفوان بن أمية الجمحي الحجر ؟ " ففزع عمير وقال : ماذا اشترطت له قال : تحملت له بقتلي على أن يعول بنيك ويقضي دينك والله حائل بينك وبين ذلك ، فقال عمير : أشهد أنك رسول الله وأشهد أنه لا إله إلا الله ، كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي ، وبما يأتيك من السماء ، وإن هذا الحديث الذي كان بيني وبين صفوان في الحجر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يطلع عليه أحد غيري وغيره ، ثم أخبرك الله به ، فآمنت بالله ورسوله والحمد لله الذي ساقني هذا المقام ، ففرح المسلمون حين هداه الله ، وقال رضي الله عنه : لخنزير كان أحب إلي منه حين اطلع ، ولهو اليوم أحب إلي من بعض بني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجلس نواسك " وقال : " علموا أخاكم القرآن ، وأطلق له أسيره " وقال : يا رسول الله ، قد كنت جاهدا ما استطعت على إطفاء نور الله ، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق فلتأذن لي فألحق عمر بن الخطاب بقريش فادعوهم إلى الإسلام لعل الله يهديهم ويستنقذهم من الهلكة ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة ، وجعل صفوان يقول لقريش في مجالسهم : أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر ، وجعل يسأل كل راكب قدم من المدينة هل كان بها من حدث وكان يرجو ما قال عمير بن وهب : حتى قدم عليه رجل من أهل المدينة ، فسأل صفوان عنه ، فقال : قد أسلم ، فلقيه المشركون ، فقالوا : قد صبأ وقال صفوان : إن علي أن لا أنفعه بنفقة أبدا ولا أكلمه من رأس كلمة أبدا ، وقدم عليهم عمير ودعاهم إلى الإسلام ، ونصح لهم فأسلم بشر كثير " ولما رجع المشركون إلى
[ ص: 58 ]